صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/51

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

ان بعض المستشرقين زعموا أنه عليه الصلاة والسلام قد اشترك في حرب الفجار بتجهيز السهام، لانه عمل أقرب الى خلقه من الخوض في معمعة القتال.. وكأنهم أرادوا أنه لم يكن قادرا على المشاركة في المعمعة بغير ذلك .. فهذا خطأ في الاحاطة بمزايا هذه النفس العظيمة التي تعددت جوانبها حتى تجمعت فيها أطيب صفات الحنان واكرم صفات البسالة والاقدام ..

فمحمد كان في طليعة رجاله حين تحتدم1 نار الحرب ويهاب شواظها من لا يهاب، و كان علي فارس الفرسان يقول: «كنا اذا حمي البأس2 اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم.. فما يكون أحد أقرب منه الى العدو »

* * *

ولولا ثباته في وقعة حنين، وقد ولت3 جمهرة الجيش وأوشك أن ينفرد وحده في وجه الرماة والطاعنين، لحقت الهزيمة على المسلمين .. وخروجه والليل لما يسفر4 عن صبحه ليطوف بالمدينة مستطلعا، وقد هددها الأعداء بالغارة والحصار أمر لو لم تدعه اليه الشجاعة الكريمة لم يدعه اليه شيء.. لأن المدينة كانت يومئذ حافلة بمن يؤدون عنه مهمة الاستطلاع وهو قرير في داره، ولكنه أراد أن يرى بنفسه فلم يثنه5 خوف ولم يعهد بهذا الواجب الى غيره.

ومشاركته في الوقعات الأخرى هي مشاركة القائد الذي لا يعفي نفسه وقد أعفته القيادة من مشاركة الجند عامة فيما يستهدفون له، فهي شجاعة لا تؤثر أن تتوارى حيث يتاح لها أن تتواری، وعندها العذر المقبول بل العذر المحمود.

واذا كان القائد خبيرا بالحرب قديرا عليها غير هياب لمخاوفها ثم اكتفى منها بالضروري الذي لا محيص عنه6.. فذلك هو الرسول تأتيه الشهادة بالرسالة من طريق القيادة العسكرية، وتأتي جميع صفاته الحسنى تبعا لصفات الرسول.


  1. تشتعل
  2. اي اتقدت الشدة
  3. فرت
  4. يكشف
  5. يرده عن قصده
  6. لا مفر ومهرب منه
٥١