صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/108

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

قالوا وتغيب الذبابة المأفونة سحابة من نهار و يراها الذباب قاطبة مختبئة في روث دابة . . . ثم تقذف بنفسها في الجوعالية ثم تكسر ثم تنقض ثم تدور ثم تهبط ثم تقر على الارض فيقلن لها أين كنت لا كنت ويحك ؟ قالوا فتجيبهن أنها كانت مع المنطاد زبلن . . . وكانا معاً في رحلة حول الأرض . . وكاد زبان المسكين يتحطم في العاصفة لولا أنها ضربت حوله بجناحيها ضربات دفعت له الهواء دفعاً أقوى من العاصفة ، فبضربة ترفعه من حيث يتكفا و بضربة تمسكه من حيث بميـل و بضربة تخلق تحته طبقة زاخرة في الجو . وهكذا لدماً ولكما ولطا في صدر العاصفه وعلى وجهها وقفاها ، إلى أن ولت هاربة وتركت زبان فنجا وما كاد ينجو قالوا وتضحك الذباب و يقلن لها : أيتها المأفونة ! لوقلت إنك عصفورة من عصافير الفردوس كانت في أول الدنيا ودافعت أمام عرش الله عن آدم وحواء فطردت معهما إلى هذه الارض ، لكان ذلك أشبه عندنا بالصدق من دعواك أنك من طراز زبان : وتساميك في الدعوى الى الرحلة معه حول الأرض وتناهيك في السمو الى الدفاع عنه في أجواز الفضاء ، وتألهمك آخراً في ضربك العاصفة وهزيمتها بجناحيك على أن هذا كله منك وأنت بأعيننا مختبئة في هذه الرمنسة من هذه البهيمة في هذه المزيلة ساعة وخمساً وأربعين دقيقة . . . أخزاك الله . أفي روث داية زبلن وسماء وعاصفة وطواف حول الأرض ؟

... هذا وحقك أيها القاريء هو مثل العقاد لو أفصحت الحقيقة عن نوع غروره وحماقته ومقدارها في الادب والفلسفة والكتابة والشعر ، فلقد كاد يقول للمغفلين وللمخدوعين فيه : ابحثوا في عن الاله بل ما أراه إلا ادعاها في هذيانه الذي قال فيه والشعر من نفس الرحمن مقتبس والشاعر الفذ بين الناس رحمن | وقد مرت الاشارة الى هذا البيت وسخافة القصيدة التي هو منها