صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/12

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

التعريف بالسفود

كان السبب الأول الذي حدَا بنا إلى نشر مقالات «على السفود» في «العصور» أن نُرضي ضميرنا بأن نفسح المجال لعَلَم من أعلام الأدب وحُجة ثَبْتٍ من رجالات هذا العصر، أن يعبِّر عن رأيه في صراحة وجلاء في أديب امتاز بين الأدباء بشيء من الصَّلَف عُرف به، وبقَدْر غير قليل من الزهو بالنفس والإغراب في تقدير الذات، تلك الأشياء التي لا تسكن نفسًا إلا ويُطَلِّقها العلم ثلاثًا، ولا تحل بشخصية إلا وتنفر منها الرجولة نفورًا، ولا تغشى عقلًا إلا وتكون دليلًا على انحرافه وتفكك الثقة به.

ولقد أطلق علينا ذلك الأديب المفتون ألسنة من أعوانه حدادًا، كان يلقنهم ما يقولونه، فينقلون ما يلقى إليهم كأنه الحاكية المركبة تنطق من غير إرادة وعن غير فهم كما مُلئت به، فقد أرسل إلينا أحدهم نقدًا على كاتب «السفود» لم نتحاشَ من نشره لما فيها من بذاءة في القول وإسفاف في المناظرة فقط، بل لأنه تضمن نقدًا في مسألة إعرابية نحوية لو أننا نشرناه لكان المنقود العقاد لا كاتب «السفود». وهذا مقدار ما وصلت إليه عقلية أذناب العقاد الموحى إليهم منه بما يكتبون وما يقولون، وتلك نهاية ما بلغ علمهم باللغة والأدب، مُلْقًى به إليهم من زعيمهم الأكبر وصنمهم، المرموق منهم بعين الاحترام في الظاهر، والاحتقار الدفين في الباطن.

غير أن هنالك سببًا آخر حدَا بنا إلى نشر مقالات «السفود» الفذة على صفحات العصور، فإننا لن نُخرج العصور لتكون أداة مدح لمجرد المدح، أو أداة ذم لمجرد النفع المادي. تلك الطريقة التي اتبعتها الصحف في مصر إلى عهد قريب. ومن الأسف أنها طريقة لم يتورع عنها أكبر