صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/69

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

( يكاد اذا طاف الغلام بجامها يرفرف حوليها الفراش و يغشاه ) جعل مجلس الراح في غيط قطن عند ( العشب الاثيث ) حيث يوجـد الفراش المنسلخ من دودة القطن . وهذا البيت يذكر بالذباب وتهافته على كأس الشراب لان الفراش و الذباب سواء غير أن الأول يتهافت على الضوء (1) والمعنى بعد مسلوخ من قول مسلم : ir كأن نارا بها مخرشة نها بها تارة ونغشاها شبهها بالنار المحركة التي زادت وقوداوهم حولهافيرتد عنها المصطلى تارة ويدفومنها تارة ، فخطر للعقاد أنه لو كان الناس هذا فراشا لكان المعنى أحسن فمسخهم فراشا . ولكن انظر كيف يقول الشاعر الفحل في مثل معنى العقاد حين يصنع الصنعة الباوعة التي لا تذكر النفس الا بالصور العالية الشريفة وهو ابن بابك في قوله : ذو غرة كجبين الشمس لو برقت في صفحة الليل للحرباء لانتصبا (۲) (۱) لا نفس أن الفراش لا يتهافت على الضوء الا ليلا وقصيدة العقاد ليس فيها ما يدل على أن مجلسه كان بليل ولا بسحرة فهذه احدى غفلاته . ثم إن الشعراء قد أكثروا في تشبيه الراح بالنار حتى بالنار التي تشب ليسري العضالون في الليل على ضونها فيهتدوا بها إلى القرى والضيافة والعمران . كما شبهوها بالمصابيح واللهب وشعرهم كثير في هذه المعاني وكلهم كانوا يعلمون طبيعة الفراش ومع ذلك لم يذكر أحد منهم هذا المعنى فيما وقفنا عليه لان لهم ذوقا وبصرا وليس يغيب عنهم أن الكاس التي و يرفرف حوليها الفراش ويغشاها ، هي أخت الكاس التي يقع فيها الذباب و يقذرهالان الفراش لا يرتد عن الضوء دون أن يخالطه ويقع فيه ، وذكر الفراش على الكاس في مجلس الشراب لا يكون إلا من عامى سوقى بارد الطبع ساقط الحرمة ، فأنت ترى أنه ان كان العقاد هو الذي جاء بهذا المعنى فكلام الشعراء جميعا دليل على فساد ذوقه وعامية طبعه و إن كان سرقه بنصه فهذه أدهى وأمر لانها لصوصية وفساد ذوق معاً ؛ وكلمة , يغشاها أقذر وأسقط قافية في الشعر العربي من زمن الجاهلية الى اليوم (۲) الحرباء دائما يطلب الشمس و يتقلب معها وهو يطلب معاشه بالليل فاذا طلعت الشمس اشتغل بها ويريد الشاعر أن وجه ممدوحه كشمس الظهيرة حتى لو طلع في الليل على الحرباء لانتصب كما يفعل طبيعة عند ما تكون الشمس في كبد السماء