صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/79

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

VM ومثله كثير في الشعر . فان أريد وحي الخمر وتأثيرها في الذهن والقريحة فأفضل مافي هذا المعنى قول شاعر الفرس : شعر بنا الكأس فجرت الحقيقة التي كانت فيها على ألسنتنا . و يقول صاحب مرحاضه : شربنا وغنينا وما في عدادنا سوى شارب قد باع بالحمر دنياه یعنی کلهم سکارى . و إذا كانوا سكارى فما هي الدنيا عندهم إلا الخمر . فكيف اذن يبيعون بها الدنيا ? أظن هذا المتشاعر انما يريد معنى العامة في قولهم : باع دينه بالخمرة . وهذا كلام مستقيم ينطبق على السكير لأن الخمر ليست من الدين . بل العامة أهدى من العقاد إلى حقيقة المعنى لأنهم يجعلون شعار الحشاشين والسكتيرين هذه الكلمة : « خراب يادنيا عمار يامخ » فكيف اذن بیعت الدنيا بالخمر ولا دنيا إلا فيها عند أهلها ? لعله يريد أسباب المعايش كالتجارة والصناعة ونحوها فتركوها واقتصروا على الخمر ، فاذا كان هذا معناه وقصده فهم حمالة الناس ورذالتهم الذين لا قيمة لهم ولا منزلة كبعض سفلة العامة في بعض الحانات التي يراها من يمر في شارع كاوت بك !!! إن مجلس الشراب لا شعر فيه بعد الحمر إلا من الجمال والاخلاق العالية التي لا تكون فيمن باعوا دنياهم بالخمر كما يقول النواسي لا يطيب الشراب الا لقوم جعلوا تقلهم عليه الوقارا لا تقوم في ضجة وصياح كنهيق الحمار لاقي الحمارا فهؤلاء الآخرون هم صحب العقاد في خمرته « شربوا وغنوا » یعنی ضحوا وصاحوا كنهيق الحمار لاقي الحمار ... ثم يقول صاحب مرحاضه إذا طاب في الفردوس ريا نسيمها فأطيب في دار الشقاوة رياه كان يصح هذا القياس لو أن الدارين ( الفردوس ودار الشقاوة ) تقاس احداهما على الأخرى فأما وهما نفيضان فلا وجه لقياسهما ولا للقياس بمافيها .