صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/97

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۹۱ كلما ابتعدت من عالم الارادة واقتربت من عالم الفكرة (1) وهذا الرأي هو الرأى الصحيح في معنى الجمال و به يؤول اختلاف الناس في تقدير جمال الأشياء ، لأن الجمال في أهوائهم وأذواقهم ومعانى نظرهم . وقد روى الجاحظ أن رجلا تزوج امرأة لم تكن رائحة "أنتن ولا أقذر من رائحة . جلدها ، فلما كان زفافها دلكت جسمها بالمر تك (٢) لتزيل هذه الرائحة الخبيثة و بقيت تفعل ذلك في سر من الرجل ثم غفلت يوماً فأطلع على شأنها وأصابت هذه الرائحة منه هوى وجد به نشاطاً ... فنهاها أن تغشه بعـد لأنها لاتجمل ، ولا تقع من هواه الا بهذه الرائحة ، فكانت إذا سألته حاجة ومنعها قالت و الله لا تمر تكن"! فيبادر الى قضاء حاجتها خيفة أن تطيب ريح جسمها .... هذا هو عالم « الارادة المسبية » في رأي شوبنهور فأى جمال في صاحبة تلك الريح الخبيئة ، وهل يصطلح الناس في عالم « الفكرة » على جمال تلك الريح كما رآها ذلك الذي ابتعد عن عالم الفكرة وارتطم في ارادته ? على مثل تلك الطريقة من الغباوة وسوء الفهم وقيح الاجتراء والغرور والحماقة تجد كل ما يولده العقاد أو أكثره ثم يزين له لؤم نفسه وعمى بصير ته أنه هو وحده الذي يهدى الى أسرار الاشياء و يلهم حقائق المعانى فيزدرى الناس و يندرى عليهم بالطعن والتسفيه ويقول فيهم مالو عقل أو أنصف لما قاله إلا في نفسه adid (۱) هذه النتيجة هي التي استخرجها شوبنهور قبل العقاد وليس بعجيب أن يراها العقاد خطأ لأنه لم يفهم ما بنيت عليه كما رأيت . (۲) هو فى كتب اللغة المرتج بالجيم ولـدن الجاحظ كتبه واشتق منه بالكاف وهو بالكافى لا يطابق ماذكر في كتب الصناعة بمايتخذ لعلاج الصنان فان هذا ضرب الطيب تعريب ( مروه ) وذاك هو كما قالوا ( مبيض المرداسنج ) ، والمرداسنج تعريب مرتك سك وهو الحجر المحرق يكون من المعادن المطبوخة بالاحراق الا الحديد والظاهر أن العامة في زمن الجاحظ استثقلوا الجسم أبدلوها كافاً وجاراهم هذا الأديب الامام على منطقهم للحماية وتلك عادته في أكثر ما يحكى . من