صفحة:فلسفة الثورة في الميزان (1950) - العقاد.pdf/7

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الثورة الفرنسية

١ – كان شعار الثورة الفرنسية هذه الكلمات الثلاث: الحرية، والإخاء، والمساواة. وهي كلمات منغومة على قافية واحدة في اللغة الفرنسية. يحسب الكثيرون ممن يسمعون الهتاف بها أنها قد اختيرت لحسن وقوعها في الأسماع وسهولة مجراها على الألسنة، ويظنون أن كل «ألفاظ ثلاثة» من قبيلها تغني غناءها وتستهوي الأسماع استهواءها. ولكنها في الواقع كانت كلمات الثورة الفرنسية التي لا تصلح لها كلمات سواها، وكانت كل كلمة منها مدروسة لغاية مقصودة، لا تغني عنها غاية أخرى؛ لأنها كانت محور الخلاف القديم بين الأنصار والخصوم. كانت «الحرية» غرضًا مقصودًا، ومبدأً مختلفًا عليه؛ إذ كان الملكيون يزعمون أن الملك يحكم بالحق الإلهي، وأن سلطانه مستمد من سلطان السماء، فليس للرعية حرية مع راعيها؛ لأن مشيئته من مشيئة الله، فمن خرج عليه فهو خارج على خالقه ومولاه. أما الثائرون فكانت مشيئة الشعب عندهم هي قِوام الحكم، وسنده الذي لا سند له غيره. فمشيئة الشعب من مشيئة الله، وعلى الملوك أن تطيع شعوبها، وتعمل على رضاها، وإلا فهم الخارجون على سلطان الأرض والسماء. كذلك كانت كلمة الإخاء مبدأً مختلفًا عليه أشد الاختلاف، أو كان الاختلاف عليه مجزرةً قُضي فيها على أكثر من مائة