صفحة:فلسفة الثورة في الميزان (1950) - العقاد.pdf/8

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٤

ألف فرنسي قبل جيلين، وأوجبت هجرة الملايين إلى غير بلادهم قبل عصر الثورات بسنوات؛ إذ كانت العقيدة الغالبة أن الخلاف بين المذهب الكاثوليكي والمذهب البروتستانتي خلاف بين الأبرار والأشرار، وأنه لا هوادة بين الفريقين إلا كما تكون الهوادة بين حزب الله، وحزب الشيطان. وفي سبيل ذلك سالت الدماء بين الفريقين، وصدرت الأوامر الصريحة بنفي كل فرنسي يدين بنِحْلَة غير النِّحْلة التي ارتضاها ولاة الأمور.

أما دعاة الثورة الفرنسية فقد كانوا ينكرون هذا الخلاف، وينادون بشريعة الإخاء في الوطن الواحد، فلا عداء بين أبناء الوطن؛ لأن «الوطن» أبو الجميع، وكل أبنائه إخوة متحابون، ومن هنا تقرر مبدأ الإخاء. وكذلك كانت كلمة «المساواة» محل خلاف ونزاع، ومجادلات ومناظرات يشترك فيها المفكرون، كما يشترك فيها المؤمنون المتدينون؛ فلا مساواةَ بين النبلاء والسوقة، ولا بين الموسرين والمعسرين في رأي أعداء الثورة، ولا تفاوت بينهم في رأي دعاتها والمطالبين بإصلاح المجتمع على أساسها. ولقد كان النزاع ملحوظًا معترفًا به في تكوين المجالس النيابية الأولى، فكان النواب يحضرونها على حسب ما بينهم من التفاوت في الدرجات والطبقات.

الثورة التركية

والمعروف أن جماعة «تركيا الفتاة» كانت تقتدي بجماعة إيطاليا