صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/117

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۱۳ وامتد جسمه في الفضاء ؛ وكان وجهه جهما عريضاً ، تضطرب، فيه عينان غائرتان بعض الشيء ، ولكنهما على ذلك في حركة متصلة لا تكادان تستقران ؛ وها . متوقدتان دائما ينبعث منهما شيء كأنه الضوء المشرق على هذا الوجه الجهم الغليظ ، فإذا لحظنا شيئا أو أطالتا النظر إليه فكأنما تقذفانه بالشرر ، أو تسلطان عليه شواظاً دقيقاً قوياً من النار . ا وكان الشيخ فوق هذا كله ذكيا حاد الذكاء نافذ البصيرة ، يتعمق ما يعرض له من الأمر دون أن يحس الناس منه تعمقاً لشيء

« يسأله الناس فيجيبهم لساعته جواب من فكر وقدر وأطال التفكير والتقدير ، فيعجبون منه ويعجبون به . وكان بعد هذا كله بطىء المشي ، ثقيل الحركة ، وقوراً في كل ما يصدر عنه ، وكان صوته يلائم هذا كله من أمره فكان صوتا ضخها عميقاً ، يسمعه السامع فيخيل إليه أنه يخرج من غار بعيد القاع . وكان الناس يهابونه ويرهبونه كما كانوا يجلونه ويكبرونه . فإذا سألهم عن مصدر ذلك لم يعرفوا كيف يجيبون ، إنما كان هذا الرجل يبهرهم ويسحرهم ويملأ نفوسهم ! إكباراً وإعظاما . فإذا ذكر الوليد بن المغيرة فقد ذكر سيد من أروع سادات قريش ورجل عظيم من رجالات البطحاء » ... الخ هذه اللوحات المرسومة في بحبوحة ، وهذه الصور التي تخطر في وناء ، وتدب في رفق ، هي مزية الدكتور الأصيلة ، مزيته التي يتجلى فيها فنه ويؤدى بها رسالته ، ولقد يخطئك في بعض ما يكتب أن تجد الفكرة الكبيرة أو المعنى المبتكر؛ ولكنك لن تخطى اللوحة الهادئة والصورة الحية ، هذا اللون من الحياة المريحة المستريحة . نعم قد تبطؤ الحركة في بعض الأحيان إلى حد الخمود ، فيدركك نوع من الاستبطاء تهم أن تغمز فيه الكاتب ليسرع في خطواته بعض الشيء ؛ ولكن ذلك قليل على كل حال . (A - ( ) 4