صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/176

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۷۲ – وهذه الظاهرة حديثة العهد في الأدب المصرى المعاصر ، لم تبرز وتتضح إلا في أعمال قليلة من بين الكثرة الغالبة لأعمال الأدباء المصريين . وهي في هذه القصة أشد بروزاً وأكثر وضوحا . فمن واجب النقد إذن أن يسجل هذه الخطوة ويزكيها . وبعد ، فلا بد أن أضع أمام القارىء ملخصاً للقصة يعينه على تتبع السمات الفنية فيها ، ويشركه معي في تحليل هذه السمات . ولكن « القصـة » بالذات من الأعمال الفنية التي لا سبيل إلى تلخيصها ، وحين تلخص تبدو هيكلا عظميا خالياً من الملامح والقسمات التي تحدد الشخصية ، وتبرز مواضع الجمال والقبح فيها فلا مفر إذن من الحديث العام عن القصة دون الدخول في التفصيلات إلا بمقدار ليس في القصة كلها صخب ولا بريق إنها خلو من الالتماعات الذهنية والأفكار . ليس فيها « لافتة » واحدة من اللافتات التي تستوقف النظر ومحيطها ذاته محيط عادي . وأحداثها وحوادتها مما يقع كل يوم في أوساطنا المصرية العادية . اللهم إلا تلك الغارات الجوية التي روعت بعض المدن في زمن الحرب . والتي روعت أسرة « أحمد افندى عاكف » فأزعجتها عن حى السكاكيني الذي استوطنته زمنا طويلا ، إلى الحي الحسيني وخان الخليلي ، لتكون في منجاة من الغارات ، في حمى ابن بنت رسول الله ! ولقد كان « أحمد عاكف » وهو يحمل عبء الأسرة بمرتبه الصغير ( إذ هو موظف بالبكالوريا في قلم المحفوظات بوزارة الأشغال ) كان قد أغلق قلبه وطوى أحلامه ... لم يفكر في الزواج ، ولم يعد يطمح إلى الحب ، أو إلى الشهادة العالية . القد وقفت أمامه العراقيل العائلية والمادية والعلمية ، كما وقفت دونها مواهبه ا