صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/208

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وأردت أن أتابع الموازنة ، فعدت إلى ما تحويه مكتبتى من الأقاصيص المترجمة – وهي تكاد تشمل كذلك كل ما نقل إلى اللغة العربية – فوجدت هذه الأقصوصة تقف رافعة الرأس مع أعظم ما أعجبت به في هذه المجموعة ترتفع على معظمه ، وتساوى أقله ، وتنحنى أمام عدد صغير جداً لا يبلغ عشر أقاصيص من حوالي المائتين ! تصور هذه الأقصوصة تجربة نفسية كاملة للخطيئة . وهي تمثل – مع استقلالها وأصالتها – صراع كل « بافنوس » أمام « تاييس » وكل « عبد الرحمن قس ! » أمام « سلامة » بل صراع كل « آدم » أمام فتنة الفاكهة المحرمة . وهي تصور هذا الصراع باللمسة الهينة ، والإيماءة القصيرة واللفظة الموحية، والحركة المعبرة ، وتلم في الطريق بكل خلجة وكل خاطرة وكل تأثر وكل انفعال ، وتجمع بين السرعة المتحركة في السياق ، والدقة الكاملة في رسم الخلجات الخفية ، والوسوسات الخافتة ، وتصور « فلما » كاملا للصراع النفسي في موقف خاص ! وذلك كله دون حذلقة ، ودون إبراز للتحليل النفسي الذي يأخذ هيئة التفسير العلمي ، فيفسد الفن القصصى، إلا في موضعين عابرين ألم بهما إلماماً سريعاً لحسن الحظ ، فلم يفسدا السياق ، وإن غضا من قيمته الفنية قليلا . والصعوبة التي تواجه ناقد القصة أنه لا يملك عرض الجمال الفني فيها كما يريد ، فالتلخيص عبث وقتل لهذا الجمال ، فهو – على أحسن الأوضاع – يلخص الفكرة ، وماذا تجدى الفكرة إذا لم يستطع تصوير طريقة العلاج ؟ وكل وصف الطريقة العلاج بعد تشويها بالقياس إلى حقيقة العمل الفني في السياق ! ولكنني بعد هذا كله ملزم أن أعرض على القارىء هذا التشويه : ( – ۲۰۶ - . -- - ( صلاح شاب في الثلاثين ، متدين ، واثق بنفسه وبإيمانه ، فقد وصل إلى هذه السن ولم يرتكب معصية قط – على الأقل حسبما يعتقد – فهو صاحب حق في - -