صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/211

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۲۰۷ - شهوته ، وقاوم رغبته ، وربى بنظره إلى النيل ، وجعل يرقب موجاته المتكسرة محاولا أن يتشاغل عن هواتف نفسه ، ولكن رغبته خنقته وسيطرت عليه ، فارتد بصره إليها ، وراح يتطلع إليها في وله واشتهاء ... والتقت العيون ، فترجمت عما تخفي الصدور ، فمالت « بديعة » وأسندت ظهرها إلى صدره ، فخفق قلبه ، وارتفع نبضه ، وسرى الدم حاراً في بدنه ، حتى أحس به يكاد يشوى وجهه ، وانبهرت أنفاسه قليلا ، وضاقت حدقتا عينيه قليلا ، واضطرب كثيراً ، وأحس شعرها الأسود السبط الجميل الذي تمنى يوم جلست أمامه في السينما أن يمر بيده عليه ، يلمس خده ، فسرت رعدته في جسمه ، وارتفعت يده دون أن يتكلف ذلك ، وراحت تمر على شعرها في حنان ، فرفعت عينيها المتكسرتين إليه وهى مستلقية على صدره ، واستدارت قليلا كأنما استدارت للقبل ... ورنت إليه في دلال ، وزمت شفتيها تدعوه في خبث إلى اللهم والعناق ... فلم يستطع أن يقاوم تلك الفتنة المرقمية في أحضانه ، ولا نداء العينين الواسعتين الساحرتين ، ولا الشفتين المزمومتين المرتجفتين قليلا ، المغريتين كثيراً ! » . ( وهكذا يمضى المؤلف بصلاح المسكين في سياق مصور دقيق على هذا الطراز حتى يصل به إلى الدار : « وتذكر في الطريق دعاء ما كان يجرى له ببال قبـل اليوم ، ولم يتحرك به لسانه أبدأ ، فأخذ ردده في نفسه في حرارة يحس نارها تصهر صدره ، ، ولأول مرة يحس جلال ذلك الدعاء ، واستمر يردده وهو يصعد الدرج : « اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ... اللهم إني أعوذ بك من شر نفسی » ! « ودق الباب ففتحه زوجه ، فدخل وأغلقه خلفه ، ثم طوقها بذراعيه ، وراح يقبلها في لهفة وهو يغمغم : « سميرة ... سميرة ؟ » كأنما كان في سفر طويل عاد منه ، وخطر داهم يهدد حياته ، وأحس كأنه يود أن يفضى لها بكل شيء ،