صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/245

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٢٤١ - حضارتها البائدة لا ملكا للتاريخ والمتاحف بل أداة للحياة حتى في القرن العشرين » . وإذا شاهد صخرة « ما هابالى بورام » وقد نحت فيها فنان شرق تشخيصاً لأسطورة « نهر الكنج » المقدس ، وقد أقبلت الأناسي والحيوانات من كل فج تشهد ميلاد النبع المقدس ، في صوفية وخشوع جعل يقول : « لو أن نحاتاً إغريقيا أعمل إزميله في هذه الصخرة تحت شمس « أتيكا » . ويحى لقد أفسدت الصورة التي طبعتها في ذاكرتى « ما ها بالى بوارم » وأفقدتها كل معانيها في نفسي . فلم يكن الإغريقي ليصور نبعاً مقدساً ، بل كان في الأغلب ممثلا « أرفيوس » في الشق الأوسط وهو يوقع على قيثاره المعجب وحوله الإنس والجن خاشعة ... الخ » . ' وإذا شاهد فيلما هنديا يمثل الروح الهندية المتسامحة التي تنتهى من الصراع على الحقوق الخاصة ، إلى الزهد في أعراض الدنيا والاتجاه إلى عبادة الروح الأعظم قال : « أدركت ناحية من نواحي الضعف في بعض الحركات الروحية حين تدخل ميدان السياسة العملية » وإذا سمع زميله الإنجليزي يقول عن « النيرفانا » أي الفناء في الروح الأعظم ـ وهو الغاية التي يطمح إليها الهندي من وراء حرمانه وآلامه : « دعنا من هـذا فلا قبل لي بهذا الهجص وتلك الشعوذة يا عم حسن » لم يجد في نفسه أية حماسة للرد على هذا الكلام . وهكذا وهكذا مما قد يبالغ فيه فيصل إلى حد الزراية والسخط الشديدين على الروح الشرقية بوجه عام . ومهما افترضنا للسندباد من الأعذار في قسوة الأوضاع الاجتماعية والمظاهر ( م - 16 )