صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/246

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٢٤٢ - البائسة التي شاهدها في الهند ، فقد كنا نرجو أن يكون أوسع أفقا وأكثر عطفاً وأعمق اتصالا بروح الشرق الكامنة وراء هذه المظاهر والأوضاع ، والروح الصوفية المتسامحة المشرقة بنور الإيمان . ونحن لا ندعو إلى الروحانية السلبية في الحياة العملية ، ولكننا ندعو فقط إلى فهمها والعطف عليها ، وتقديرها من الوجهة الإنسانية والروحية . فالغربي معذورحين يغلق حسه وفهمه دون روح الشرق الأصيلة ، أما الشرقي فلا عذر له في هذا الإغلاق . إنه يقول عن لوحة الكنج المقدس : لم يكن الإغريقي ليصور نبعاً مقدساً الخ » أجل ! وهذا هو مفرق الطريق بين الشرق والغرب . في الشرق قداسة تمت إلى القوة العظمى المجهولة ، وفي الغرب حيوية تمت إلى المشهود الحاضر المحسوس . وليس لى أن أفضل هذا أو ذاك . فكلاها جانب من جوانب النفس الإنسانية الكبيرة التي تهش لكليهما على السواء ؛ إن لم تؤثر في حسابها الروحي والفنى جانب المجهول على جانب المشهود

وهو يسخر بعقيدة « النيرفانا » كسخرية زميله الإنجليزي الذي يقول : ما كنت أحسب أن دينا يعد بنعمة الفناء ! ووجه الخطأ هو اعتبار « النيرفانا » . فناء ! إنها كذلك في نظر الغربي الذي يصارع الطبيعة وينعزل عنها ، فأما الهندي الذي يحس بنفسه ذرة منسجمة مع الطبيعة ، ويعدها أما رؤوما ، فيرى في فنائه في القوة العظمى حياة وبقاء وخلوداً . وعلينا أن نفهم هذا ونعطف عليه ولا نراه بعين الغربيين ، وهو يبدو في أرفع صورة في « ساد هانا تاجور » فلنقف خشماً أمام هذا السمو الإلهى ، ولو بعض لحظات ! ! وهكذا يجب أن تجاوز مظاهر الجيل وأوضاع الاجتماع ، لننفذ إلى قلب الشرق ، وإنا لواجدون فيه كثيراً من الكنوز الروحية التي تنقذنا من قسوة