صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/260

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۲۵۶ - أو حين يقول : « لم تكن معرفته بالأمور النفسية على قدر صراحته ، فإذا لم تنجح سياسته النجاح كله ، فهذا سببه أنه لم يخطر على باله أن طلب الحقوق يستلزم كثيرا من حسن الموارد والمصادر . فليس كل صاحب حق في هذه الدنيا بواصل إلى حقه على مثل هذه السبيل ومن بعض كلامه : « لا يزيدني كثرة الناس حولى عزة ، ولا تفرقهم عنى وحشة ، لأني محق » . فهذا كلام رجل لا يبالي بأساليب السياسة في طلب الحق ولا يهتم بروح الجماهير » . أو حين يقول : صعب « وكما صعب عليه إدراك أسرار السياسة من حيث الكثرة والقلة فيها ، فقد عليه إدراك هذه الأسرار من حيث عمل المال في الجماعات . قام رجال من أصحابه فقالوا له : يا أمير المؤمنين ! أعط هؤلاء هذه الأموال ، وفضـل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالى ممن يتخوف خلافه على الناس وفراقه . فإذا استقام لك ما تريد عدت إلى أحسن مما كنت عليه من القسم . فقال على : أتأمرونى أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من الاسلام ، فوالله لا أفعل ذلك ما لاح في السماء نجم ! » . ثم يعلق على ذلك فيقول : . « لم يدر نضر الله عظامه ، أن الناس عامة إنما همهم حطام هذه الدنيا ، فكان يعز عليه أن يعتقد أن الناس يدورون كيف دارت مصالحهم ومنافعهم ، فلم يعاملهم كما يجب أن يعاملهم رجل السياسة ، وإنما عاملهم كما يعاملهم رجـل الأخلاق ، فكان من عواقب هذه المعاملة شكواه منهم في كل كلام ، وفي كل خطبة » .