صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/262

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<-YOX- الاستفادة من المعرفة النفسية في السياسة » دون أن يبين لماذا كان قليل الحظ الاستفادة . فقد يكون هذا عن عدم معرفة الوسائل ، أو لضعف عن استخدام هذه الوسائل . كما قد يكون للترفع عن الأسلحة الملونة والوسائل الهابطة . وهذا الذي كان ، وكان حقيقا بالبيان . هو إن معاوية وزميله عمراً لم يغلبا عليـا لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس ، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب . ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح ، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع . وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك على أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل . فلا عجب ينجحان ويفشل ، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح . على أن غلبة معاوية على على ، كانت لأسباب أكبر من الرجلين : كانت غلبة جيل على جيل ، وعصر على عصر ، واتجاه على اتجاه . كان من الروح الإسلامي العالى قد أخذ ينحسر . وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منه الإسلام ، بينما بقى على في القمة لا يتبع هذا الانحسار ، ولا يرضى بأن يجرفه التيار . من هنا كانت هزيمته ، وهي هزيمة أشرف من كل انتصار . وهنا نصل إلى الملاحظة الرابعة . إذ نرى المؤلف بهش لروح النفعية في السياسة ، ويشيد بأصحابها ، ولا يعترف بغير النجاح العملي ، ولو على أشلاء المثل العليا والأخلاق . ونحن لا نتجني على الأستاذ شفيق جبرى بهذه الكلمات . فاسمعه يقول عن « خديعة المصاحف » : « وعلى كل حال فإن هذه الخديعة التي أوحى إلى صاحبها