صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/266

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

علي هامش التاريخ المصري القديم عبد القادر حمزة - ۲۶۲ – للمرحوم ليس في أمم العالم تلوك ألسنتهم عبارات الفخر بالأجداد ، والمباهاة بالماضي ، والتشدق بالمجد القديم كالمصريين . ولا سيما بعد نهضة مصر الحديثة ، وشعور أبناء الجيل بحاجتهم إلى سند من مجد التاريخ لما يطلبون من مجد حديث . وليس في أمم العالم كذلك من هو منبت عن ماضيه ، منقطع الصلة الروحية عن قديمه ، جاهل بحقيقة تاريخه كالمصريين ، الذين لا تربطهم بماضيهم العظيم إلا معرفة غامضة ، ومعلومات مشوهة . لهذا كان الفخر بالماضي في مصر فخراً سطحيا لفظياً ، تلوكه الألسن ولا تستشعره القلوب ، وتصرح به الألفاظ ولا تجيش به الدماء ، ويستمد قوته الجمجمة لا من الحياة ، وتهبط سورته بانقضاء مناسبته السياسة ، ولا يبقى بعد ذلك حافزاً دائما للنهضة والطموح ولم يكن بين أم الأرض – وربما لن يكون - من هم أعجب من هؤلاء المصريين ، الذين يملكون أمجد تاريخ ، ويتصلون بأعظم ماض ؛ ثم يفرطون ( - في هذا التراث كله ، ويتركونه ليد التشويه والإهمال والجهل ، عشرات المئات ( ( ( من السنين . حتى إذا نهضوا نهضتهم ، وأحسوا بالحاجة إلى تراثهم الثمين گاه لم يفتشوا عن هذا التراث ، ولم يستنقذوه من الزيف ، ولم ينفضوا عنه ركام القرون ؛ وإنما راحوا يكتفون بجمجمة جوفاء : نحن بناة الهرم الخالد : نحن أبناء الفراعنة الأمجاد . نحن أبطال التاريخ ... إلى آخر ذلك الصياح الأجوف الملول !