صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/267

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۳۶۳ القدعة الخالدة بقيت مد وبقيت بعد ذلك مصر الفرعونية ، مصر منابت الزمن . الضاربة في مجاهل التاريخ نفوس الهاتفين ، لا يعرفون عنها إلا ما رواه بعض المؤرخين القدماء من الخرافات والأباطيل، مما كشفت البحوث الحديثة عن زيفه ، ولكنه بقي يدرس في المدارس ا ی المصرية ؛ وهو – على ما فيه من أخطاء – لا يبلغ أن يكون تاريخاً حياً وإنما هو مقتطفات سريعة ، ووقائع منفصلة ، وحوادث للملوك لا ذكر فيها للشعب ، مما يجعلها مملة مبتورة ، لا تعلق بنفس ، ولا تنبض بها حياة . ولم يبسط هذا التاريخ بسطاً متسلسلا حيا ، على أنه وصف لحياة أقوام وأجيال عاشوا فعلا على هذه الأرض معيشة طبيعية في عصر من المصور ، حتى يشعر المصرى الآن بما بينه وبين أجداده من وشائج القربي ، وصلات الإحساس ، وروابط التفكير ، وعلاقات التقاليد . فيحس حينئذ أنه امتداد لهؤلاء الأجداد ، وأن بينه وبينهم صلة من الدم ، ورابطة من الحس ، وعلاقة من العادة ، ومشابه الحياة ، على الرغم من تطاول الزمن السحيق . والأمم التي تريد النهوض ، ولا تجد لها ركيزة من الماضي ، ترور لها تاريخاً وتحاول أن تنفخ فيه روح الحياة ! وتتصيد لها أبطالا من كل نوع ، وتلتف حول ، ، ذكراهم ، لأن الحاضر والمستقبل وتكزان على الماضى ارتكاز سوق النبات على الجذور . ( ... . مصر العريقة في هذه وها غامضاً في 6 أما مصر . مصر الخالدة التي عاملها التاريخ بسخاء عجيب ، فحفظ لها ماضيها خالداً ماثلا على مر الأجيال ، فلا تحاول أن تنتفع بهذه الميزة المفردة ، فتكتفى من ا هـذا الماضي كله ، بألفاظ جوفاء ، وصيحات فارغة ، حتى في عهد نهضتها و ابان بعثها في العصر الحديث وحينها سار المصرى الآن يجد مصر القديمة العريقة ماثلة في الآثار والتماثيل 6