صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/276

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۷۲ - الظريف اللبق أن يجعل مزاحه مزيجاً من المدح والنقد ؛ فلا يشير إلى عيب صغير في من يمازحه إلا ليظهر فيه فضيلة كبيرة . وإلا انقلب المزاح بين الإخوان استهزاء يذهب بالصفاء ، وسخرية تقطع الإخاء ، وهل نعتقد أننا بلا عيب حتى نسخر من عيوب الناس » . یم والذين عاشروا أنطون الجميل أو عاملوه يدركون أن هذه أخص خصائصه لا في المزاح وحده بل في الجد أيضا . فهو قد ينقدك ويوجه نظرك إلى عيب فيك . ولكنه لا يجرحك ، ولا ينسى أن يلف النقد في غلاف من الثناء أو الدعابة . إنها اللباقة هنا أيضاً تطل على الموقف وتعالجه في لطف دقيق . وإن الذين لا يعرفون الجميل ليستطيعون من قراءة ما يكتب أن يعرفوه ! ا

بهذه الروح تناول الجميل « شوقى » ... في كتابه المرسوم بهذا العنوان . نقده نقداً ملفوفاً ، وحدد مكانه في العالم الأدبي في لباقة . وأعجب في الوقت ذاته بلباقة شوقى ومهارته ومرونته في تفادي العقبات الشائكة ، واللف حول الصخرة التي يكلف تسلقها جهداً أكبر من جهد المهارة واللباقة ... ! تسلل في لباقة كاملة في أول الأمر إلى لقب شوقى « أمير الشعراء » فرد أصله إلى « شاعر الأمراء » على طريقة القلب في لغة العرب ! وتلك غمزة لطيفة تشير إلى ما كان للملابسات الرسمية في حياة شوقى من أثر في شهرته وتقديره . ولكن الجميل لا يعلق عليها هذا التعليق المكشوف ... بل يقول : « قالوا : إذا لقب « بأمير الشعراء » ، فلانه كان « شاعر الأمراء » على ا قاعدة القلب المعروفة عند العرب . « مدح أقيال مصر من إسماعيل ، إلى توفيق ، إلى عباس ، إلى حسين ، إلى فؤاد . وكثيراً ما ذهب صعوداً من الأحفاد إلى الأجداد ، فتطرق إلى مدح سعيد وإبراهيم ومحمد على ، بل رجع إلى التاريخ القديم يقلب صفحاته ، فيمدح