صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/299

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-7901 أما الصورة وحدها ، فلا تستطيع أن تخلق فنا إنسانياً خالداً إذا خلا من الإحساس الجميل الصادق ، ومن الفكرة العميقة المبتكرة ، ومن التصور الفذ الخاص ، هذه العناصر التي يجب أن يحسب لها حسابها في كل فن براد له السمو أو الخلود . وأقصى ما تصل إليه الصياغة أن ترفع المعنى أو الإحساس في صورة عنه في صورة أخرى ، ولكنها لا ترفع بذاتها عملا فنيا على عمل فني آخر ، إذا ارتفعت في الأول مع مفول معانيه ، وانخفضت في الثاني مع ارتفاع قيمته . إنها تصلح مقياسا حين تتحد الفكرة أو المعنى العام ثم تختلف الصورة ، ولكنها لا تصلح للقياس الدقيق حين يكون هناك فكرتان أو معنيان يختلفان في قيمتهما الإنسانية والشعورية . وهذه كلة أبي العيناء ، إنها ستبقى – على براعة صياغتها - مجرد نكتة لاذعة ، لا تتسامى إلى الآفاق الشعورية في الفن العالى ، وكذلك سيبقى بيت « شوقى » حكمة مكرورة شائعة ، ولكنها لا تسلك في مستوی المحكمة النابعة من طبع ذي خصوصية وامتياز . أما البيت الذي استشهد به الأستاذ على ما تصنعه الركة بالمعنى العالى ، فهو صالح كذلك للاستشهاد به على سوقية التفكير إذ لا خصوصية فيه ولا ارتفاع عن تفكير العوام . ی والخصوصية في الأحاسيس والمشاعر والأفكار شيء ثابت ، وله قيمته التي لاننكر ، وهي مناط الأصالة في الفن ، وكل ما نريده هو القول بأن هذه الخصوصية لا تبدو كاملة إلا في صورة جيدة الصياغة ، وفي أصالة أسلوب وتعبير ، تكافىء أصالة الشعور والتفكير ، وإلا بقيت مطموسة ناقصة لا تبدو في جلالها الكامل ولا ترقى إلى الآفاق العالية في الفنون . - 6