صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/324

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۳۲۰ - « فالمدرستان مختلفتان أيما اختلاف في مقاييس الشعور ومقاييس الأخلاق ، ولا يجمع بينهما إلا تشابه الكلام في ظاهره دون التشابه في الباعث والاتجاه » . وأحب أن يعود القارىء هنا إلى ص ٣٩٢ من الجزء الأول من حديث الأربعاء للدكتور طه حسين ، فسيجد في هذا الموضوع كلاما آخر ، تلذ الموازنة بينه وبين هذا الكلام ونعود إلى « شاعر الغزل » لتقع على نقطة جديدة كل الجدة لم يطرقها - فيما أعلم - طارق في اللغة العربية ، لا عن « عمر بن أبي ربيعة » ولا عن سواه . تلك هي النقطة التي يعرض فيها العقاد لبحث عوامل الاتصال بين «عمر» وبين الأنثيات اللواتي كان يناوشهن بالغزل والحديث . فيقول : ( ه وربما رشحه للسبق في هذه الصناعة جانب أنثوى في طبعه يظهر للقارىء من أبياته الكثيرة التي تهم على ولع بكلمات النساء ، واستمتاع بروايتها والإبداء والإعادة فيها ، مما لا يستمرئه الرجل الصارم الرجولة . وأدل من ولعه بكلمات النساء على الجانب الأنثوى في طبعه أنه كان يشبههن في تدليل نفسه وإظهار التمنع لطالباته « وامل جانب الأنوثة فيه لا يظهر من شيء كما يظهر من تدليل اسمه بين تلقيب وكناية وتسمية كما يعهد في أحاديث النساء ؛ فهو تارة أبو الخطاب ، وتارة المغيري ، وتارة عمر الذي لا يخفى كما لا يخفى القمر ، وأشباه هذه الأنثويات التي يقارب بها المرأة في المزاج ويسايرها في الحديث ...

« إنما تأتى خبرة ظرفاء المجالس من تقارب الإحساس بين المرأة وبين هذه الطائفة من اللاهين والمتغزلين ، فهم يحسون كما تحس أو على نحو قريب مما تحس وهم يشبهونها بعض الشبه فيصدقون في الحكاية عنها ، والتحدث بخوالج نفسها .