صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/34

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الصـــــــــور والظلال في الفن من كمال الحديث في طريقة الأداء وقيمتها في الفن أن نتحدث عن المعاني والظلال في الأدب حديثاً أوسع ، من الإشارات العارضة التي جاءت في حديثنا هناك التعبير الذي يلقى المعنى مجرداً يخاطب الذهن وحده ، والتعبير الذي يرسم للمعنى صورة أو ظلا يخاطب الحس والوجدان ، ويطبع في النفس صورة من صنع الخيال وطبيعي أن الطريقة الثانية أقرب إلى طبيعة الفنون ، وان الطريقة الأولى أقرب إلى طبيعة العلوم – كما أسلفنا - والنموذج يوضح هذه القضية أكثر مما يوضحها أي بيان ، فالنقد الفنى موكل بالمثال أكثر من الإجمال : لقد اختار القرآن الكريم طريقة التصوير والتخييل ، وجعلها قاعدة غالبة فيه للتعبير في مواضع التأثير ومن العجيب أن يكون القرآن هو كتاب العرب الأول ، ثم لا يستفيد الأدب العربي من طريقته الأساسية شيئاً بعد نزوله ، وتيسيره للذكر في أيديهم . إلا فلتات في ديوان كل شاعر ، هي امتداد للتصوير في الأدب الجاهلي وعلى طريقته ، لا على طريقة القرآن الرفيعة ولعل مرد ذلك إلى أن الحاسة الفنية عند أولئك الشعراء كانت أقل من أن تتطلع إلى هذا الأفق الرفيع في ذلك الأوان