صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/66

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۶۲ – أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلما وقول ابن خفاجة الأندلسي في وصف جبل : وأرعن طماح الذؤابة شامخ يطاول أعنان السماء بغـارب وقور على ظهر الفــلاة كأنه طوال الليالي ناظر في العواقب أصخت إليه وهو أخرس صامت فحدثني ليـل السرى بالعجائب وفيما عدا ابن الروى وتلك الأبيات والمقطعات القليلة المتناثرة في ديوان الشعر العربي الضخم ، تكاد الطبيعة في الشعر العربي ( تستعمل من الظاهر ! ) ؛ فهي مناظر جامدة للوصف الحسى والتشبيه بالمحسوسات ، تعلو في سلم الفن ، حتى تكون كأبيات المتنبي في شعب بوان ، وتسفل حتى تصل إلى تشبيهات ابن المعتز جميعا ! وظاهرة ثالثة : هي أن الطبيعة في الشعر العربي قد نحيا وتدب ويحس الشاعر بمـا يضطرب فيها من حياة ، ويلحظ خلجاتها ويحصى نبضاتها ، ، ولكنه لا يندمج في هذه الطبيعة ، ولا يحس أنه شخص من شخوصها وفرد من أبنائها ، وأن حركته من حركاتها ، ونبضه من نبضاتها ، وأنه منها وإليها ، وأحاسيسه موصولة بأحاسيسها ؛ وقاما يوجد إحساس بالطبيعة كهذا الإحساس الذي تمثله الشاعرة الانجليزية المعاصرة « روث بتر» ، حين تقول للموت(۱) : « لا تنادنى والصيف مشرق أيها الموت ! هو « إنني في الصيف لن أجيب النداء « حين يوسوس العشب ويتمايل بأعطافه « لا ترفع إلى صوتك بالنداء من تلك الظلال السفلى « حين يحن الصفصاف ويترقرق الماء « حين يتواني الجدول ويندس الهواء (۱) من مجموعة عرائس وشياطين (