وظيفة النقد
النقد الأدبي فصل متخلف في المكتبة العربية ؛ ولكن هذا التخلف هو الوضع الطبيعي للأمور . فالنقد هو عملية الوزن والتقويم ؛ فلا بد أن تسبقه عملية الخلق والإنشاء. لا بد من وجود المادة الفنية التي يزها الناقد ويقومها.
ولقد وجد فصل النقد الأدبي في المكتبة العربية القديمة ؛ ولكنه – في غاليه - كان نقد ألفاظ وعبارات ، لا يكاد يجاوز هذه المنطقة . فاذا جاوزها تناول المعاني من حيث هي معان ؛ ولم يحاول - إلا نادرا – أن يحسب حسابا التنفس القائل وطبيعته ، كما أنه لم يحاول قط أن ينظر إلى خصائص الشخصية في الأدب ، من الناحية النفسية . فإذا نظر إلى هذه الناحية فإنما لينظر إلى التعبير من حيث هو الفاظ و تراکیب ومعان ، لا من حيث هو خاصة فكرية ، وسعة نفسية ، وطريقة شعورية .
وعلى أية حال فقد جمدت قوالب النقد حوالي القرن الرابع ، وأصبحت قواعد محفوظة ، وطرقا مرسومة . ولم يتعد النقد - في الغالب – النقل عن كتب النقد السابقة بلا زيادة تذكر. وبقي الأمر على هذه الحال نحو تسعة قرون !
ومنذ ثلاثين عاما فقط نهض الأدب العربي نهضته الحقيقية ، فهض فصل النقد كذلك . ولكن ماذا كان أمام النقد من المادة الفنية في هذا الأوان ؟
يكفي أن ننظر إلى المكتبة العربية في ذلك الحين فنراها خالية من أعمال:
العقاد وطه حسين والمازني وشگری و توفيق الحكيم ، وهيكل ، والزيات، واحمد أمين ، والرافعي ، وتيمور . ثم من شعراء الشباب و کتابهم وقصاصيهم وباحثيهم