صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/70

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

نصه - ۶۶ - التي نريد إبرازها . ولكن هذا لا ينسينا أن نقف مرتين أمام موضعين من مواضع الإبداع في القصيدة : الأول : طريقة الإحساس بحزن الطبيعة وفرحها : فالمطر « الذي يقطر حزيناً وانيا عبرات أسى تحت سماء شجية » يجتمع إلى « ابن آوى هزيل خافت العواء على البعد فيزيد الغسق وحشة وعزلة » و « النهر الدافق يتقدم إلى البحر بهمهمة الشكوى » يجتمع إلى « الظلال تؤوى إليها الوساوس الخفية » وكلاهما يجتمع إلى « عينيها ترنوان نحوعينيه ابتغاء عزاء فتلقاهما الأهداب مبللة بالدموع» ثم في الوجه الآخر : « الصباح يرتع في الأنوار . والبلابل مشوقة تصدح بالغناء » وكلمة «مشوقة» خاصة في هذا المكان . إنها لوحة متناسقة الألوان أو «سيمفونية» متوافقة الألحان ، بين الطبيعة وأبنائها الجميع . والثاني : تلك الكناية الدقيقة البارعة عن « الروح الدنيا تستجد فيها جثمانها » وعن « استجابة الحب الكبرى » التي ترتفع بها وترتفع حتى تجعلها « الفريضة الحلوة القدسية التي يقضيها الله » . إنها كناية امرأة ، وامرأة تحب ، وامرأة شاعرة ، تجتمع كلها في سياق ! الهائمة على أعتاب

وقد توجهنا حتى الآن في الموازنة بين الشعر العربي والشعر العالمي إلى شعراء الغرب في مجموعة « العرائس والشياطين » وبخاصة الشعراء الانجليز . فلنتوجه نحو الشرق أيضا في هذه الموازنة ، ففي الشرق البعيد ، وفى مصر القديمة مثل نتقدم بها مطمئنين يقول الشاعر الصيني « یوان می » من شعراء القرن الثامن عشر الميلادي بعنوان « زهر الصفصاف » : « أزهار الصفصاف كنديف الثلوج ... إلى أين ؟