صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/77

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۷۳ بنفسه في مجالات لم تعد له ، أو لم يعد يبدو فيها بأجمل ألوانه ... طوح بنفسه في مجال الفلسفة ، وفي لحج الفكر ، كما أخذ يطوح بنفسـه ه كذلك في مجال القصة والمسرحية وما إليها ، بعد أن عادت روح العصر لا تهش للقصة ، ولا المسرحية الشعرية . ذلك والموجة الفكرية الفلسفية في الشعر العربي الحديث ، كانت ضرورة في وقت من الأوقات ، لأنها كانت رد فعل طبيعي لموجة أخرى سبقتها ، موجة الأسلوب اللفظي ، أو الأسلوب الإيقاعي . فكانت مهمة الموجة الجديدة أن تدخل القصد والمعنى إلى الأدب ، وأن تمد الشعر بروافد نفسية وفكرية حية ، لتنقذه العبث بالمحسنات البديعية الجوفاء ، ومن الإيقاع الموسيقى الذي لا يحمل وراءه حياة ولا جدا . وقد استطاعت أن تحيى الشعر العربي وتجدد مجده ، وتزيد عليه متاعا فيها من صور الحالات النفسية الصادقة ، عبرت عنها بدقة بالغة فأوجدت في الشعر العربي لونا جديداً حقاً ، ولكنها وقفت بالشعر الحديث حيث لا يجوز الوقوف ، قصت من أجنحته المرفرفة ، وغضت من غنائيته النغمة ، وأقلت فيه السبحات والومضات ، وجعلت عنصر الوعي الفكرى بارزا فيه . والشعر يجب أن يدع ل ع للنثر مجاله بعد ما نضج هذا النثر نهائيا ، وأصبح قادرا على هذه المحاولات ، ثم ينطلق هو مرفرفا لا تثقله هموم الفكر ، ولا تقيده مشاكل الفلسفة . يجب أن ينطلق صرخات عميقة قوية ، وأشجانا روحية خالصة ، وأشواقا مرفرفة وضيئة ، وأحلاما مهومة طائرة ، وإشراقات وجدانية لطيفة ، وسبحات علوية شفيفة . وفرحات رفافة طليقة . يجب أن يكون تعبيرا عن لحظات الإشراق والتهويم ، ولحظات التوهج والانطلاق في النفس الانسانية ، تلك اللحظات التي يستحيل فيها الشاعر روحا أكثر ما تكون تجردا ، أو حسا أشد ما يكون توهجا . تلك اللحظات التي (