صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/93

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۸۹ - إليك أن مكانه ليس هنا في الديوان ، ولكنه هناك في كتبه بين التأملات الفكرية والقضايا المنطقية . ومما يزيد في وضوح هذه الظاهرة بقسميها أن الإيقاع في شعر العقاد جزء من طبيعته تلك ، فهو إيقاع واضح محدد رصين ، تقل فيه الرفرفة الطليقة والتموجات الشائعة . ولكنه يتدفق في غزارة وعمق ، حين تتدفق الحيوية في الإحساس والتصور . وقد يرف في بعض الأحيان ويرق – ولكن هذا قليل ويضعف ويخفت عندما يكون المجال مجال التأملات التجريدية والتجارب المنطقية . فحين يقول العقاد : أما لفظة جرت من فم المرأة امرأة والأخلاء من فئة يعرف الجنس منشأه تجعل الزوج من ليس بالجسم وحـده تشعر أنك أمام تجربة كاملة صادقة ، لها وزنها في فهم الطبائع ، وإدراك المشاعر ... ولكنها بعد ذلك ليست شعرا ، وليس مكانها هنا في الديوان . إنما مكانها في « خلاصة اليومية(1) » وفى التأملات التجريدية . وإنك لن تصغر من قيمتها حين تضعها في موضعها . فإنها جزء من ذخيرة الإنسانية في تجاربها الصادقة الأصيلة . ولكنها قضية عارية من الصور والظلال ، ومن الإيقاع أيضا . فأما حين تسمع العقاد تتدفق حيويته وتعلو صرخته في يوم الظنون ، حين يقول : يوم الظنون صدعت فيك تجلدي وحملت فيك الضيم مغلول اليد و بكيت كالطفل الذليل أنا الذي ما لان في صعب الحوادث مقودی وغصصت بالماء الذي أعددته للري في قفر الحياة المجهد لاقيت أهوال الشدائد كلها طغت فلقيت ما لم أعهد (1) اسم كتاب للعقاد