صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/99

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

إن الشعر الصادق لهو مادة حياة كما هو مادة فن ، والذين يعنون بتسجيل أطوار النفس الإنسانية عامة ، ونفس العقاد الإنسان والشاعر خاصة . سيجدون في هذا الديوان من الظواهر ما لا يجدونه للعقاد في أي ديوان وقارى هـذا الديوان قد لا يجد فيه فورة الحماسة ، ولا وهلة المفاجأة ، ولا تهاويل الحلم ، ولكنه سيجد في مكانها سخرية المعرفة ، وابتسامة الرثاء ، واستخفاف التجريب . كما يجد طائفة من الصور والظلال قد لا يجدها للعقاد في أي ديوان ، وكذلك سيجد روحاً غنائية يقل نظيرها في دواوينه السابقة جميعاً وسيجد الشوط بعيداً بين العقاد الذي عرفه في دواوينه الأولى ، والعقاد الذي يراه في هذا الديوان . هناك – على تفاوت في الدرجات 1901 - العقاد المحتفل ، المهتم ، المتجمع للقول والشعور ، الحافل بالسمت والرنين في الحس والنظم على السواء ، وهنا العقاد المتخفف من هذا كله ، الساخر بهذا كله الذي لا يتحرج في الشعور ولا في الأداء! لقد يلبس الشاب في مستهل حياته البنيقة المنشاة ، وينمق هندامه ويكوى ملابسه ، ويفتل شاربه وينسقه ، ويقيم للنظرات والملاحظات وزناً عند ما يخطو فإذا جاوز هذا الطور ترك بنيقته مسترخية ، وربما لبس ما يلتفت وعند القميص المفتوح ، وسار لا تعنيه النظرات ، ولا تكرثه الملاحظات . إنه طليق طليق لا يحفل بأحد ، بل قد لا يحس بأحد ... ! كذلك يخيل إلى حينها أنظر في دواوين العقاد فأرى الشوط بينها وبين هذا ... الديوان الأخير أجل إن الشوط لبعيد . بعد المسافة بين الذي كان يقول في «أشجان الليل» تريدين أن أرضى بك اليوم للهوى وأرتاد فيك اللهو بعد التعبد .