وعلى أواخر أيام الأمويين بدأ الخوارج يثيرون الاضطراب من جديد في مركـز الدولة منتهزين ضعف الحكومة. ففي سنة ١٢٧هـ / ٢٤٥م حشد الخوارج قواهم في منطقة الكوفة برئاسة ضحاك بن قيس الشيباني، وكذلك فعل الخوارج الأباضيـة في جزيرة العرب فجمعوا قواهم برئاسة أبو حمزة الخارجي1.
إلى جانب المذهب الخارجي كان الشيعة مصدر قلاقل أيضاً للدولة خاصة فـي العراق فقد استدعوا أحد أحفاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو زيد بن علــي زين العابدين وذلك على أيام خلافة هشام بن عبد الملك وأعلنوا إمامته. وباءت جهود الخلافة في دمشق بالفشل حوالي العام في القضاء على ثورة العراق. ولكن انتهـى الأمر بالقضاء على بعض المتآمرين، وعرف مكان زيد وتتبعته قوات الخلافة وتمكنـــــــــوا من رميه بسهم فأصاب جانب مبهته اليسرى فثبت في دماغه. ومات زيد في صفـر من سنة ١٢٢هـ/ يناير ٧٤٠م.
وبذلك خضبت يدي بني أمية من جديد بدم حفدة الرسول صلى الله عليه وسلم. بل ولم يحترموا جثمان زيد وكان أتباعه قد دفنوه في ساقية وأجروا عليه الماء خوفا مـن التمثيل به، ولكن القبر نبش واستخرج منه وقطع رأسه وصلب ثم أمر به فحرق بالنار2.
والى جانب النزاعات الدينية هذه كانت الخصومات والنزاعات بين القبائــل نقاط الضعف التي أدت إلى انهيار دولة الأمويين. ومن النزاعـات بين هذه القبائل العربية ذلك النزاع الذي حدث في سنة ٦٥هـ / ٦٨٤م بين اليمنية والقيسية (المضرية) والذي انتهى بانتصار اليمنية في وقعة "مرج راهط". وعمـل هذا النصر على زيادة اشتعال نار الفرقة بين العصبيتين المتناهضتين، وكان علــى
- ↑ انظر، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق عبد الوهاب النجار، طبعـة سنة ١٣٥٧هـ، ج ٤، أحداث سنة ١٢٧، ص ۲۸۹.
(ذكر خروج الضحاك محكماً)، أحداث سنة ١٢٨، ص ٢٩٥ – ٢٩۰. (ذكر قتل الضحاك الخارجي)، ص ۲۹۷ (ذكر خبر أبي حمزة الخارجي مع طالب الحق). - ↑ ابن الأثير، ج ٤، ص ٢٤٠ - ٢٤٣ أحداث سنة ١٢١هـ (ذکر ظهور زيد بـن علي بن الحسين)، أحداث سنة ١٢٢هـ، ص ٢٤٥ – ٢٤٨ (ذكر مقتل زيـد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب).