حتى اضطر الرشيد إلى عزله بعد أن جمع ثروة طائلة، وبعد أن كان يقاسمه في استغلاله للبلاد. والظاهر أن الأموال الشخصية قامت بدورها في هذا الاختيار، فابن ماهان كان يطمع في العودة إلى نسبه القديم المغري، وربما أراد الأمين أن يكيد لأهل خراسان فولاه هذا الأمر نكاية فيهم، ولكن بلغ عدم التوفيق هذا، حداً قيل معه أن عيناً للفضل ابن سهل هو الذي أشار بانفاذه حتى يقاومه أهل خراسان.
بداية الصراع:
سار علي بن عيسى على رأس ٥٠ ألف رجل، وخرج أهل دولته لوداعه. واتجه جيش بغداد نحو الري حيث كان طاهر بن الحسين قائد المأمون يعد الحدة للدفاع ويستعد للقتال. وحاول علي ابن عيسى أن يستغل معرفته السابقة للبلاد والاتصال بالملوك الوطنيين وإثارتهم، هذا ولو أننا لا نعرف إلى أي حد نجحت هذه الخطة رغم ما يقوله الكتاب من أن هؤلاء الملوك أجابوه إلى قطع طريق خراسان، ولكـن المحقق أن ابن ماهان استعان بأمر طاهر، إذ تقول النصوص بأنه لما طلب إليه أصحابه بث العيون وعمل خندق، قال: "مثل طاهر لا يستعد له". وخرج طاهر من مدينة الري في جيش قليل العدد (نسبياً ٤ آلاف) حيث عسكر على بعد قليل منها (٥ فراسخ) كما حرص جنده على القتـال، خالعاً الأمين داعياً بالخلافة للمأمون. وكان الغرض هو إعطاء موقف جيشـه صفة شرعية حتى لا يخيل للبند أنهم يقفون موقف الخارجين على صاحب الأمر. واتخذ كل من الجيشين تشكيل القتال ووقف الواحد منهما أمام الآخر.
وبدأ طاهر بمظاهرة سياسية بأن حمل صاحب شرطته بيعة المأمـون وعلقها على رمح، ودعا علي بن عيسى إلى تقوى الله في البيعة التي أخذها، ولما خرج أحد أصحاب ابن ماهان عليه بالسيف أظهر شجاعة فائقة، إذ حمل عليه وأخذ منه السيف بيديه وصرعه، ولهذا سمي طاهر "ذو اليمينين"1.
- ↑ انظر، ابن الأثير، ج ٥، ص ١٤٣ - ١٤٥.