منهم من جديد. وفي السنة التالية سنة ١٩٥هـ، وأثناء انهزام جيوش الأميـن أمام طاهر ظن أهل الشام أن أمر العباسيين ودولة الفرس إلى بوار، فثـارت دمشق ودعت إلى عودة الأمويين (السفياني المنتظر) وأعلنت أحد حفدة معاوية ويدعى أبو العميطر (علي بن عبد الله خالد) وكان علوي الأم (نفيسة بنت عبد الله) مشتغلاً بالعلم، ويبلغ من العمر ٩٠ عاما، خليفة (ذي الحجة). وتمكن أبو العميطر من إخراج عامل دمشق وذلك بفضل معونة أحد موالي بني أمية، وعندها سير الأمين لحربه الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان لم يسر هـذا الأخير إلى دمشق بل اكتفى بالانتظار بالرقة.
وأحسن السفياني السيرة أول الأمر ولكنه لم يكن ليستطيع القضاء علـى الخصومات القديمة بين العصبيات العربية من كلب وقيس أو التوفيق بينهما. ففي أول الأمر اتخذ أكثر أصحابه من كلب، ولكنه عاد وخاصمهم واتفق مع قيس. ولكن الزعيم الكلابي محمد بن صالح ابن بيهس أوقع به هزيمة منكرة وحاصره في دمشـق وقتل ابنه وأرسل رأسه للأمين. وحدث أن مرض ابن بيهس فعمل على الكيـد للسفياني فبايع أموياً آخر بالخلافة (مسلمة بن يعقوب) ونجحت خطته، وتمكـن الأموي الجديد من القبض على السفياني، وقرب الفيسية منه. فلما عوفي ابـن بيهس من مرضه عاد وحاضر دمشق فسلمها إليه القيسية وهرب الأموي والسفياني بعد أن دامت الفتنة حوالي ٣ سنوات (محرم سنة ١٤٨هـ). وظل ابن بيهس بدمشق حتى وصل إليها عبد الله بن طاهر.
وكان عبد الملك بن صالح، الذي أخرجه الأمين من السجن عند ولايته1، قد حاول أن يجد علاجاً لنكبة الشام فطلب إلى الأمين أن يوليه إياها ومناه بأنه يمكنه أن يجيش أهل الشام لنجدته. ولكن فشل عبد الملك في مهمته. إذ قامت الفتنة بين الخراسانيين وأهل الشام بينما كان هو مريضا، وانتهت الفتن بانهزام العرب، فمات الرجل سنة ١٤٦هـ متأسفاً لنكبتهم وضياع أوله فيهم.
- ↑ وكان الرشيد قد حبسه أيام نكبة البرامكة. انظر، ابن الأثير، ج ٥، ص ١٥٠.