الخليفة الأموي أن يسوس كل من الفريقين أو أن يقف إلى جانب أحدهما حسب الحال.
وكان أعظم عمال الوليد بن عبد الملك هم: الحجاج بن يوسف الثقفي، وقتيبة بن مسلم الباهلي، فاتح ماوراء النهر وهما من العصبية القيسية. وكان هذا يعني أن الخليفة الوليد بن عبد الملك كان يتبع سياسة موالاة القيسية، وعندما خلفه سليمـان نهج سياسة مضادة لهذه السياسة فحابى اليمنية وعلى رأسهم يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وعصبيته.
وعندما ولي الخلافة عمر بن عبد العزيز حاول أن يقوّم الموقف وأن يتبع سياسـة محايدة تهدف إلى التوفيق بين العصبيتين ولكن سياسته هذه لم تطل لأمد طويــل إذ أنه سرعان ما اعتمد يزيد بن عبد الملك اعتماداً كلياً على القيسية ثم أن هشام بـــن عبد الملك، ذهب إلى عكس هذه السياسة ثم عاد إليها ونتج عن ذلك أن اليمنية ثأروا لأنفسهم من الخليفة الوليد الثاني فتآمروا على خلعه وكانت هذه الثورة سبباً في عزلـة بلاد الشام جميعاً.
إلى جانب العصبية القبلية نذكر حديثاً له مغزاه وهذا الحدث يتمثل في هجرة خلفاء الأمويين بعيداً عن دمشق وسكناهم الصحراء. ويشبه بعض الكتاب هذا الحدث بالانفصال الروحي بين الأمويين وبين عصبيتهم من أهل الشام. فقد شعر آخر خلفـاء الأمويين بعدم اطمئنانهم في بلاد الشام وفي حاضرتهم دمشق فخرجوا إلى البادية وكان أول من فعل ذلك هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي كان يقيم في بادية الأردن.
ومن أهم القصور الصحراوية التي بناها الأمويين قصر "الرصافة" في باديـة الشـام.
وقد استمر الأمويون في سكنى الصحراء. ويعدد الأثريون بقايا خمسة وثلاثين قصراً من هذه القصور. وكان الخليفة يتمتع في قصوره الصحراوية هذه برياضة الصيـد. كما يعتبر العصر الأموي عصر نهضة بالنسبة للشعر العربي، واشتهر كثير من أمـــــــــراء الأمويين بقول الشعر كما أنهم أحاطوا أنفسهم بالشعراء. وشاعر الأمويين كما نعرف هو الشاعر النصراني "الأخطل". وإلى جانب ازدهار الأدب والشعر لم تحظ العلـوم والفلسفة إلا بحظ ضئيل من عناية أمراء الأمويين. ولكن ينبغي الإشارة إلى أن بداية الجدل في الفلسفة الإسلامية ظهر في هذه الفترة وبدأ الكلام في مسألة القضاء والقدر وظهور الفرقة التي عرفت باسم القدرية والتي ستكون نواة لفرقة المتكلمين والمعـروفـــــــة