بالأسرة النبوية جميعا، يعود إلى مشكلة وراثة العرش، التي لم يستطع أسلافه إيجاد حل مرضٍ لها. وفكر هو في إيجاد حل لهذه المسألة. وربما كـان المأمون خيالياً بعض الشيء فيما فكر فيه، وربما كان فيلسوفاً يريد أن يصل إلى أصل الداء فعلى حين غرة أعلن العلوي علي بن موسى الرضا ولياً للعهد بعده، وكان قد خلع أخاه المؤتمن قبل ذلك سنة ١٩٨هـ.
ويمكن النظر إلى هذا الإجراء من وجهين:
١ - على أنه عمل سياسي سوف يرمي إلى إرضاء العلويين وأتباعهم ومن يعطفون عليهم في أنحاء الدولة المختلفة، وهؤلاء كانوا عديدين في العـراق والحجاز إرضاءً موقتاً، ورغم سياسة القمع التي كانت الأسرة العلوية هدفاً لها لم تزل الأسرة تتمتع بنصيب كبير من التعظيم، كما أن العباسيين كانــــــــــــوا يخشون أن يجلبوا لأنفسهم، عن طريق الشدة القاسية، كراهية الشعب التي كانت نحساً وشؤماً على الأمويين.
۲ - على أن المسألة أعمق من هذا، وأنها تتصل بشرعية ولي الأمر وأحقية الفرع العلوي من أسرة النبي هو الآخر في الاشتراك في الحكم اشتراكا فعليا، وهذه نظرة الفيلسوف الزاهد الذي يبحث عن الحقائق الصرفـة دون اعتبارات أخرى. ويمكن التفكير في أن المأمون كان متأثرا في ذلك بآراء وزيره الفضل بن سهل.
ويؤيد وجهة النظر الثانية هذه، أن المأمون زود العلوي ابنته أم حبيب، وزوج ابن الرضا وهو محمد ابنة أخرى وهي أم الفضل، وفي هـذا معنى تحقيق وحدة الفرعين العباسي والعلوي. ثم أنه غير اللون الأسـود، لون العباسيين للرايات والخلع، وأحل محله اللون الأخضر شعار العلوييـن (معنى ذلك حل المشكلة العلوية وقيام دولتهم المنتظرة)، وربما أيدهـا أيضاً تصرفات المأمون إزاء العلويين بعد وفاة الرضا.