وعاد عبد الله بن طاهر إلى بغداد فاستقبله المأمون وأهل المدينة استقبال الفاتحين. وبعد موت أخيه طلحة سنة ٢١٣هـ تمكن من وضع يده على ممتلكات الطاهريين الوراثية في خراسان (قيل أنه ولي خراسان بعد أبيه ولكـنه كان قد عهد بها إلى أخيه طلحة). وقام ولي العهد أبو إسحق المعتصم بإمرة مصر ولكنه أظهر عدم كفاءة إذ وثبت العصبيات العربية من قيسية ويمنية بواليه وقتلوه (ربيع أول سنة ٢١٤هـ) فاضطر إلى السير بنفسه وقتال الثــــــوار وقمعهم بالقوة. ولكن الاضطرابات عادت من جديد (واشترك القبط في الثورة) حتى اضطر المأمون نفسه إلى المسير من دمشق إلى مصر في أواخر سنة ٢١٦هـ كمـا قدم القائد التركي الأفشين إليها من برقة. وأقام المأمون بمصر سنة ٢١٧هـ حتى هدأت الأحوال (إذ ظفر الأفشين بأهل الفرما وقتل عبدوس الفهري الذي كان قد وثب بعمال المعتصم، وقيل أن المأمون هو الذي أمر بحفر الثلمة التي في الهرم الأكبر.
وعن اليمن، فقد قامت بها ثورة علوية، فرغم المعاملة الخاصة التـي حابى المأمون بها الطالبيين، دعا عبد الرحمن بن أحمد العلوي لنفسه بالخلافة هناك سنة ٢٠٧هـ (للرضا من آل محمد) منتهزاً تذمر أهل البلاد من العمال. ولكن ما أن وجه المأمون أحد قواده (دينار بن عبد الله) إلى هناك وخير الطالبي بين أمان الخليفة والحرب حتى أعلن الثائر الطاعة فاقتيد الى المأمون.
وكان لهذه الثورة أثرها في نفس المأمون فأمر بمنع الطالبيين من الدخول عليه، كما منعهم من ارتداء لونهم الأخضر وأمرهم بلبس السواد. وبدأ يكون حذراً بعض الشيء في معاملته لهم، حريصا على تعقب أبنائهم. فهو عندمـا تصله شائعات أنكرها عن ميل عبد الله بن طاهر إلى العلويين لا يتورع عن أن يدس عليه رجلا يتظاهر بالدعوة للعلويين حتى يتأكد من صحة رأيه في ابن طاهر.
ولكن لم يكن هذا تغييرا جوهريا في سياسته إزائهم همو دائم العطف عليهم والمحاباة لهم يفعل ذلك طبعاً لا تكلفاً، كما تقول النصوص. فهو في نفس السنة ۲۱۱هـ ينادي بالحط من شأن معاوية - عدو علي اللدود - ويلعن من