واستصحب معه ابنه العباس، كما استدعى أخاه المعتصم من مصر، والتقـى هذا الأخير قرب الموصل. ومن الموصل اتجه الى منبج ثم دابق ثم أنطاكية ثم المصيصة وطرسوس. ومن طرسوس دخل الى الأراضي البيزنطية في جمـادى الأولى. هذه الغارة عمت كثيرا من نواحي آسيا الصغرى. فالعباس دخل من جهة ملطية يخرب ويدمر، وفتح المأمون حصن ماجدة بالأمان ثم حصن قرة عنوة وهدمه. ووجه القائد التركي أشناس إلى حصن سندس، ووجه قائدين آخرين إلى حصن سنان، فخضع قائدا الحصنين لشروط المسلمين. وعندما حل الشتاء عاد المأمون الى الشام (دمشق).
ولما تحسنت الأحوال الجوية في السنة التالية ٢١٦هـ رجع المأمون الى أرض الأعداء، وكان الإمبراطور قد قام بأعمال انتقامية ضد طرسوس، والمصيصة وتمكن المسلمون من الاستيلاء على عدد كبير من الحصون (۳۰ حصناً افتتحهـا المعتصم) لا سيما هرقلة التي خرج أهلها عنها بعد أن أخذوا الأمـان، وكذلك مطمورة. واستمرت الصائفة ٤ أشهر (جمادی الأولى ـ ١٤ شعبان)، ثم عاد المأمون من جديد الى الشام.
وفي سنة ٢١٧هـ حاصر الخليفة أكبر الحصون البيزنطية على الحـدود وهو حصن لؤلؤة طوال الصائفة تقريبا (١٠٠ يوم) ثم رحل عنه تاركا أحد قـواده (عجيف) على حصاره. واضطر الباسيليوس تيوفيل Théophilos إلى طلب السلم بعد سقوط الحصن صلحاً (أرسل ملك الروم يطلب المهادنة فلم يتم ذلك).
وفي سنة ٢١٨هـ سيعود المأمون الى أرض ثغور الروم ويوجه ابنــــــــه العباس إلى طوانة ليحصنها بـالحاميات. وتم بناء الحصن فعلا وأرسل الى البلدان في طلب المقاتلة للحصن، وأجرى لهم العطاء السخي (الفارس ۱۰۰ درهم والراجل ٤٠ درهماً) ولو أن هذا لم يتم. ففي هـذه الأثناء مرض المأمون مرضه الذي مات منه، إذ فاجأته المنية قرب طرسوس حيث دفن.