من الحرس التركي (مسرور الخادم الكبير). وربما أثارت هذه الثورة حقد المعتصم على العلويين. ففي السنة التالية ٢٢٢هـ توفـي الرضا زوج ابنة المأمون ببغداد، وهو في عنفوان الشباب (٢٥ سنة) وهنـاك ما يدعو إلى التساؤل عما إذا كان للخليفة يد في تدبير هذه الوفاة.
الحرس التركي وسامرا:
وكان النزاع بين العرب والفرس الذين حاباهم المأمون بشكل محسوس من الأسباب التي ألجات المأمون في أوائل سني حكمه إلى العهد بحراسته الخاصة إلى فرقة من المماليك (العبيد) من الترك وغيرهم. هذا الحـرس كان يتكون على عهد المعتصم من أكثرية من المغاربة (أهل الحوف من مصر سماهم المغاربة) وجزءاً من الترك (من سمرقند وأشروسنة وفرغانة وسماهـم الفراغنة). كما أن تكوين الجيش العباسي تغير هو الآخر، ومنذ عهـد المعتصم ظهرت فرق المرتزقة الحقيقية من الترك والبربر والصقالبة والسودان.
هولاء الترك كانوا يأتون من البلاد الواقعة وراء نهر جيجون کأسـری - فالصراع المستمر ضد شعوب الترك فيما وراء النهر سمح بتقدير قيمتهم العسكرية - أو بصفة جزء من الضريبة التي يرسلها الأمراء الوطنيون. كما كانوا يأتون عن طريق تجارة الرقيق. وحتى ذلك الوقت كانت قيادة هـؤلاء الجند معهودة إلى قواد من غيرهم. ولكن المعتصم ظن أنه من السياسة ضمان زيادة إخلاصهم عن طريق شغل مراتب القيادة بمماليك مـن بينهم أيضا. وحدث على أيامه أن هؤلاء القواد الذين أوجدتهم الصـدف أصبح لهم من النفوذ في الإدارة ما جعلهم رؤساء الدولة فعلا.
وأسكن المعتصم هذا الحرس ببغداد، وكان هؤلاء المماليك الذي يلبسون الحرير ويرفلون في الديباج يعاملون العاصمة معاملة البلد المفتوح. فقد كانوا حفاة يركبون الدواب فيركضونها إلى الشوارع فيصدمون الرجل والمرأة والصبي فيأخذهم الأبناء عن دوابهم ويضربونهم وربما هلك أحدهم فتأذى بهم النــاس.