البيزنطية، ورجع إسحق إلى بغداد يحمل الأسرى منهم .
بعد ذلك عزم المعتصم على أن يضع حداً للثورة الخطيرة بأن يوجه اهتمامه الكلي، وأن يسخر كل موارد الدولة لذلك الغرض، بعد فشـل الحملات السابقة في إقرار الأمور. وجه المعتصم الأفشين سنة ٢٢٠هـ لحـرب بابك وأمده بالقواد والأموال، وعمل الأفشين بنشاط وحزم في وضع الخطة المناسبة للفوز بالثائر الصعب المنال، فأمر باعادة بناء وتحصين المراكز التـي خربها الثوار وشحنها بالمقاتلة، كما ضبط الطرق والحصون ووزع قواده فـي النقاط الاستراتيجية المهمة وبذلك عملت حاميات الخلافة على الإيقاع بسرايـا الخرمية حربا وغدرا. كما استعمل الأفشين الذي استقر برزند سلاح المال في شراء الجواسيس والعيون من رجال الأعداء.
ونجحت هذه الخطة، إذ بفضل الجواسيس، تمكن الأفشين من الإيقاع برجال بابك الذين خرجوا ليقطعوا الطريق على قافلة المال التي أرسلها المعتصم للجيوش المحاربة. وكان الخرمية قد قتلوا صاحب النهر ومن معه من الجند ولبسوا لباسهم وتنكروا ليأخذوا صاحب القافلة. ولكن رغم ذلك كان مركز جيوش الخلافة صعبا، كما كانت خطوط إمداداتهم مهددة، إذ تمكن الخرمية من بعض قوافل تموين الأفشين فأصابوها - وأخذوا ألف ثور غيـر الدواب التي كان قد أرسلها صاحب مراغة - حتى تحط العسكر لذلك وأصابهم الضيق.
واستمرت المناوشات سنة ٢٢١هـ وكانت الانتصارات والهزائم متبادلة، فعندما تهور بغا الكبير حتى مركز قيادة بابك (في قرية البذ) خرج عليـه عسكر بابك وهزموا جنوده فرجع مدحورا. ودبر الأفشين خطة ليهاجم هو وبغا الخرمية من وجهين حتى يأخذوهم فجأة، ولكن شدة البرد حالت دون تنفيذها، كما رسمت. فمع أن الأفشين تمكن من هزيمة الخرمية إلا أن جيش بغا قاسـی ويلات شديدة عندما التجأ إلى قمة أحد الجبال لقضاء الليل مخافة العدو، وعند انسحابه فاجأه أصحاب بابك في المسالك الوعرة فلم يفكر الجند سوى في الهرب بأي ثمن، فألقوا سلاحهم، واكتفى الخرمية من جهتهم بأخذ المال والسلاح ولم