المعتاد سيلقى الأفشين من الخليفة ما لاقاه عظام القواد الذين أدوا خدمات كبيرة للأسرة العباسية منذ قيام خلافة بغداد. وكان من السهل على الخليفة التخلص من رجل الدولة حسب الطريقة التقليدية بأن توجه إليه تهمة المروق عن الدين أو الزندقة، كما كان من السهل أن توجه إليه تهم القيام بنشاط سياسي معادٍ للخلافة. وتبرع أعداء القائد بعدد من هذه الاتهامات: اتهمه عبد الله بن طاهر بأنه كان يوجه هدايا أهل أذربيجان وأرمينية إلى موطنه الأصلي "أشروسنة"، كما اتهم بالتواطؤ مع مازیار (ملك طبرستـان) ومكاتبته، وكذلك تشجيع قائده منكجور على الثورة، وغير ذلك من التهم مثل تدبير قتل المعتصم.
أما التهمة الرئيسية والتقليدية التي اتهم بها الرجل وهي الزندقة فرغم أن المعتصم كان أمياً تقريباً (كان يقرأ بصعوبة) فإنه اهتم - حسب وصية أخيه المأمون - بالحالة الروحية لرعاياه، واستمر في الأخـذ برأي المعتزلة بخلق القرآن، وامتحن الفقهاء بذلك. وكان نصيب أحمد بن حنبل الشيء الكثير من الجلد والتعذيب. أما الأفشين فبعد القبض عليـه يتكون مجلس من محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم، ابن أبي داود، إسحق بن إبراهيم صاحب الزنادقة أيام المأمـون، وغيرهم من الأعيان.
هذا المجلس وجه إليه تهماً أخرى، منها: أنه ضرب مؤذنا وإمامـا وأقام مسجدا بأشروسنة. ورد المتهم على ذلك بأن معاهدة بينه وبين ملك الصغد اشترطت أن يترك كل قوم على دينهم وأن الرجلين وثبا علـى بيت للأصنام وحولاه إلى مسجد، ثم وجهت إليه تهمة ثانية وهي حيازة كتاب محلى بالذهب والجوهر فيه الكفر بالله، ورد الأفشين بأنه ورث هذا الكتاب الذي يحوى آداب العجم وأنه كان يأخذ منه الآداب ويترك الكفـر، وتقدم بعض الشهود من مواطني المتهم ينسبون إليه كراهية كل ما يفعل المسلمون وكذلك عدم الاختتان، ورد الأفشين بتجريح الشاهد لأنه ليس