ثقة في دينه، ولكنه لم ينكر عدم الاختتان واعتذر بخوفه أن يموت لو فعل.
وأخيراً وجهت إليه تهمة أن أهل أشروسنة، بلده، كانوا يكتبـون إليه "الى إله الألهة من عبده فلان بن فلان" فقال: "كانت هذه لأبي وجدي، فلما دخلت في الإسلام كرهت أن أضع نفسي دونهم فتفسد علي طاعتهم". وأخيراً اتهم بأن الغرض من نشاطه السياسي المعادي (مع مازيار ثم منكجور) إنما هو إعادة دينة الى ما كان عليه أيام العجم.
وانتهت المحاكمة بإدانته فرد الى السجن وفشلت محاولاته استعطاف الخليفة، إذ كتب الى المعتصم يقول: "مثلي ومثل أمير المؤمنيـن كرجل ربي عملاً حتى أسمنه وكبر وكان له أصحاب ينتمون أن يأكلوا من لحمه" ومات الأفشين في السجن بعد قليل (جوعاً؟) ثم أخرج وصلـب وأحرق بالنار في شعبان سنة ٢٢٦هـ. وبذلك تمكن الخليفة من التخلـص من رئيس الحرس التركي في أول حلقة سلسلة الصراع بين الخلافة وقوادها الأتراك وبدء هذا الصراع يلخصه ما ينسب الى المعتصم من أنه قال لأحد رجاله: "اصطنع أخي المأمون أربعة فأفلحوا: طاهر بن الحسين، وعبـد الله بن طاهر، وإسحق بن إبراهيم، وأخوه محمد بن إبراهيم، اصطنعت أربعة فلم يفلح أحد منهم: الأفشين، وأشناس، وإيتاخ، ووصيف". فقيـل له: "نظر أخوك الى الأصول فاستعملها فأنجبت واستعمل أمير المؤمنيـن فروعاً فلم تنجب إذ لا أصول لها ".
هذا النص يعبر عن فكرة الصراع بين الترك من جهة، والفرس والعرب من جهة أخرى، وهو يتحيز لجانب الأخيرين عند الترك. والحقيقة أن الخلافة العباسية كانت قد تدهورت الى حد كبير فانحطت هيبتها الى درجة لم يعرف لها نظير من قبل، فبعد أن فقدت الحرب وشكت في نوايا الفرس وجدت نفسها وحيدة أمام استبداد الترك فانطوت على نفسها ووقفت وقف المتفرج تنظر الى الصراع بين المتغلبين على أملاكها وتبارك المنتصرين