صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/143

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١٤٢

وقد ذكر ابن خلکان (جـ ۲ ص ۳۲۰) أن الخليفة المعتمد حاول أن يستميل إليه يعقوب بن الليث ليأمن جانبه، فيقول: أرسل إليه رسولاً يترضــاه ويستميله ويقلده أعمال فارس، فوصل الرسول ويعقوب مريض، فجلس له، وجعـل عنده سيفا ورغيفا.. ومعه بصل، وأحضر الرسول فأدى الرسالة، وقال له: "قـل للخليفة إني عليل، فإن مت فقد استرحت منك واسترحت مني، وإن عوفيت فليس بيني وبينك إلا السيف هذا، حتى آخذ بسيفي أو تكسرني وتغقرني فأعود إلى هـذا الخبز والبصل. وعاد الرسول فلم يلبث يعقوب أن مات (في جنديسابور). وكان موته لأربع عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة ١٦٥هـ.

اشتهر يعقوب بن الليث باليقظة وحسن التدبير، فكان يحسن اختيـــــــار رجاله، كما کان يحسن تنظيم جيوشه وإعدادها بالعدة والسلاح. وامتلأت خزائنه بالأموال حتى قيل أنه ترك خمسين ألف ألف درهم وثمانين ألف ألف دينار.

ويقول براون، أن استقلال بلاد الفرس يمكن أن يقال أنه بعث عن طريـق هذه الأعمال الباهرة التي قام بها يعقوب بن الليث الصفار، فإنه على الرغم من أنـه لم يكن من بيت عريق، نجح في تأسيس دولة استطاعت مع قصر عهدها أن تنشر نفوذها، ليس في سجستان وحدها حيث قامت دولتها أول الأمر، بل في أرجاء فارس وإلی أسوار بغداد تقريبا.

عمرو بن الليث الصفار (٢٦٥ - ٢٨٧هـ):


ولما توفي يعقوب بن الليث الصفار أقر أبو أحمد الموفق أخو الخليفـة العباسي المعتمد أخاه عمرو بن الليث على خراسان وفارس وأصبهان وسجستان والسند وكرمان والشرطة ببغداد، وخلع عليه. وبذلك قبض عمرو على ما كان بيـد أخيه، وأناب عبيد الله بن عبد الله بن طاهر عنه في شرطة بغداد وسامرا، وبعث إلى الموفق بعمود من الذهب.

ويقول ابن خلكان (جـ ۲ ص ۳۲۰) أن عمرو بن الليث لما تولى ولايته أحسن التدبير والسياسة حتى قيل: ما أدرك في حسن السياسة للجنود والهـدايـة