صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/157

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١٥٦

ومع أن أیام نوح بن منصور الساماني طالت حتى أربت على إحدى وعشرين سنة، فقد كان عهده مليئاً بالثورات والحروب الأهلية بسبب صغر سنه، وتدخــل النساء والوزراء في الحكم، وطمع أمراء الأطراف واستئثارهم بالسلطة، وطمع بني بويه والأتراك في بلادهم وقيام المنافسة بين أفراد البيت الساماني نفسه.

زوال الدولة السامانية:


لما توفي نوح بن منصور الساماني سنة ۳۸۷هـ، قام بعده ابنه منصور بن نوح، فعمل على تأليف القلوب حوله، بإغداق الأموال على أنصاره وقواده. على أن إيلك المعروف ببغراخان التركي، الذي كان قد استولى على بخارى سنة ٣٨٣هـ، اتخذ من موت نوح بن منصور فرصة للاستيلاء على سمرقند. وانضم إليه فائق الخاصة الذي تمكن من الاستيلاء على بخاری، متظاهراُ بأنه يسعى لخدمة الأمير منصور، "رعايـة لحق أسلافه عليه إذ هو مولاهم، وأرسل إليهم مشايخ بخارى ومقدمهم في العود إلى بلده وملكه، وأعطاه من نفسه ما يطمئن إليه من العهود والمواثيق، فعاد إليهـا ودخلها، وولى فائق أمره وحكم في دولته، وولى بكتـوزون إمرة الجيش بخراسان". وفي السنة التالية بدأ النزاع بين الأمير منصور بن نوح ومحمود الغزنوي الذي أثــــار سخطه تولية بكتوزون على خراسان، وطلب إعادتها إليه، فلم يجب إلى طلبه وساءت العلاقة بينهم. وسرعان ما قبض بكتوزون وفائق الخاصة على منصور ابن نوح وسمـلا عينيه ولم يمض عليه في الإمارة غير سنة وسبعة أشهر، ووليا أخاه الصغير عبد الملك ابن نوح. واتخذ محمود الغزنوي من اضطراب حبل الأمور في الدولة السامانيـة فرصة للاستيلاء على نيسابور وبخاری، واستقر ملکه بخراسان وأزال نفوذ السامانيين عنها وخطب فيها للخليفة القادر بالله. ووقعت بلاد ما وراء النهر في يد إيلـك بغراخان الذي قصد بخارى وأظهر التودد لعبد الملك بن نوح، ولكنه لم يلبث أن قبض على قواد السامانيين ثم على عبد الملك نفسه، وحبس معه أخاه منصور بن نوح الذي ولى إدارة السامانيين من قبله، كما حبس أخويه أبا إبراهيم وإسماعيل وأبـا يعقوب ابني نوح، وحبس من أعمامه أبا زكريا وأبا سليمان، وأفرد كل واحد منهم في حجرة.