التغلب على هذه الصعاب وتثبيت قدم أولاده من بعده.
قتل باكباك فتولى مصر يارجوخ صهر أحمد بن طولون، فكتب إليه " تسلم من نفسك لنفسك ". وبذلك أقره على ما بيده، وزاد في سلطته بأن استخلفه علـى مصر كلها، وزاد قلق ابن المدبر عامل الخراج، الذي أثار سخط المصريين بزيادته الضرائب، واستعماله القسوة في جبايتها، وعمل على عزل ابن طولون، وخشي عاقبة أمره في مصر، فطلب صرفه من خراجها، وتقلد خراج دمشق وفلسطين والأردن فـي سنة ٢٠٧هـ، وتقلد خراج مصر من بعده أحمد بن خالد.
وفي شهر رمضان سنة ٢٥٩هـ مات يارجوخ صاحب إقطاع مصر الذي كان ابن طولون يحكمها نيابة عنه ويدعو له على منابرها بعد الخليفة، فتوطدت قدمه في هذه البلاد وأصبح والياً عليها من قبل الخليفة مباشرة. وفي سنة ٢٦٣هـ كتـب الخليفة المعتمد (٢٥٦ - ٢٧٩هـ) إلى ابن طولون يستحثه على إرسال الخـــــــراج، فرد عليه: لست أطبق ذلك والخراج في يد غيري"، فقلده خراج مصر، وولاه الثغور الشامية، وبذلك أصبحت جميع أعمال مصر الإدارية والقضائية والعسكرية والمالية في يده.
بعد أن قضى ابن طولون على الصعاب التي قامت في وجهه في مصـــــــــر، اعترضته صعوبة كادت تقضي على آماله، لولا ما أوتيه من حسن السياسة وعلو الهمـة ورباطة الجأش. وكان مصدر هذا الشر أبو أحمد الموفق طلحة، الذي غلب أخيـه الخليفة حتى أنه لم يبق له من الخلافة إلا إسمها. كما أن ثورة الزنج الطاحنـة أثارت عداء الموفق لابن طولون والي مصر، الذي وقف على مدى الخطر الـذي هدد سلامة الدولة العباسية من ناحية الزنج، فبعث إلى الموفق بمليون ومائتـي ألف دينار استقل هذا المال، وبعث إلى ابن طولون بكتاب ينطوي على الجفـاء والشر، فرد عليه بكتاب شديد اللهجة.
وعلى الرغم من أن الخليفة العباسي كان يميل إلى ابن طولون، أرغم علـى عزله من ولاية الثغور الشامية، لكنه لم يلبث أن ردها إليه بعد أن اضطربت أحوالها. ووجد ابن طولون الفرصة سانحة لأخذ بلاد الشام بعد وفاة واليها ماجور