الطولونيين سنة ٢٧٠هـ، ولم تقتصر أعمال خمارويه الحربية على ما تقدم، بل اتسع نفوذ مصر في عهده إلى ما وراء ولاية طرسوس، فغزت جيوشه الولايات الرومانية عدة مرات (۲۷۷ - ۲۷۹هـ).
وقد ساعد موت الموفق وابن كنداج (سنة ٢٧٨هـ) والخليفة المعتمد (سنة ۲۷۹هـ) على توطيد سلطان خمارويه الذي استطاع أن يكسب رضا الخليفة المعتضد بهدايا، فأقره على ولاية البلاد الممتدة بين الفرات وبرقة ثلاثين سنة، وجعلهـا لأولاده من بعده. وكان من أثر سياسة حسن التفاهم أن عرض خمارويه زواج ابنته أسماء التي تلقب بقطر الندى من ابن الخليفة العباسي، ولكن الخليفة اختارهـا لنفسه.
توفي خمارويه في سنة ٢٨٢هـ وكان محبا للترف يبذل الأموال الضخمة على أبهة بلاطه ومبانيه الفخمة ومتنزهاته وغير ذلك. وقد بلغت نفقات جيشه تسعمائـة ألف دينار كل سنة، وكانت رواتيهم وأرزاقهم تدفع إليهم بانتظام. هذا إلى ماعرف عن خمارويه من كثرة إنفاقه على مطابخه، حتى بلغت نفقاته كل شهر ثلاثة وعشريـن ألف دينار (٢٧٦٠٠٠ دينار في السنة). ولا شك أن كثرة هذا المبلغ وتسمية مطبخه مطبخ العامة يدلان على أنه نسج على منوال أبيه في حبه للجود والكــــــــــرم وشغفه بمد يد المساعدة إلى الفقراء والمعوزين، هذا إلى ما أطلقه من الأرزاق لجواريه وأولاده ومن يقوم بخدمتهم.
زوال الدولة الطولونية (۲۸۲ - ۲۹۲هـ):
ولي مصر بعد خمارويه ثلاثة من آل طولون لم يزد حكمهم على عشر سنين، لم تستفد البلاد فيها شيئاً غير انتشار الفوضى، وتألب الجند وتنازع السلطة بين المتنافسين، وانتصار الجند لفريق دون فريق. ذلك أنه لما توفي خمارويه بـدمـشـق (ذو القعدة ٢٨٢هـ) عاد ابنه أبو العساكر جيش إلى مصر، حيث أخذ الناس عليه أموراً أثارتهم عليه، فاستوحش من كبار الجند وتنكر لهم، فعملوا على الكيد لـه والخلاص منه، وفر بعضهم إلى الخليفة العباسي، وخلع طاعته طغج بن جف (أبو محمد الإخشيد مؤسس الدولة الإخشيدية بمصر) عامل دمشق. وقد آل جيش علـى