العباسي ردحا من الزمن.
وفي هذه السنة وقعت الحرب في العريش بين الإخشيد وابن رائق، الذي استولى على دمشق من قبل، فمضى ابن رائق منهزماً إلى الرملة، وعلى الرغم مـــن قتل عبيد الله بن طغج أخي الإخشيد، عقد الصلح على ما يحب ابن رائق، فتقلد ولاية الأراضي الشامية الواقعة شمالي الرملة، وتعهد الإخشيد بأن يدفع إليـه ١٤٠,٠٠٠ دينار جزية سنوية، مما حدا ببعض المؤرخين إلى أن يعد عقـد الإخشيد للصلح على هذه الصورة مع انتصاره على خصمه دليلاً على ضعف سیاسته.
على أننا نرى في عمله هذا ما يبرره نظراً للأحوال التي كانت تربط به، لأنه كان يخشى أن تواصل الخلافة العباسية الحملات عليه وعلى الرغم من انتصاره فـي هذه المرة، ولأنه كان يخشى خصماً آخر يهدده من ناحية مصر الغربية، وهـو الخليفة الفاطمي.
بيد أن وفاة ابن رائق بعد الصلح بسنتين أعادت الى حوزة الإخشيد كل بلاد الشام من غير حرب، ودخلت مكة والمدينة تحت سيادة مصر، وأصبح الإخشيـد من القوة بحيث يستطيع أن يأمر عماله وقواد، بالاعتراف بولاية ابنه أنوجور.
غير أن الأمر لم يكن قد استتب للإخشيد بعد، لخروج العلويين عليه فــي مصر، ومناوأة الحمدانيين الذين استولوا على قنسرين والعواصم سنة ٣٣٢هـ فولاها ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل ابن عمه الحسين بن سعيد بن حمدان. ثم سار الإخشيد إلى الشام، فانتهز ابن السراج العلوي هذه الفرصة وسار إلى الصعيد ونهب بعض بلاده. ولكن قوته لم تكن بالتي تديل دولاً وتقيم أخرى، فسرعـان ما سار إلى برقة ودخل في سلطان الخليفة.
وقد ساءت العلاقة بين الإخشيديين وسيف الدولة الحمداني على إثر استيلائه على حلب واضطر الإخشيد إلى عقد الصلح الذي يقضي بترك حلب وما يليها من بلاد الشام شمالاً للحمدانيين، وتعهد بأن يدفع لهم جزية سنوية كفاء احتفاظه بدمشق.