على أن أنوجور لما كبر وشعر بحرمانه من سلطته ظهرت الوحشية بينه وبين کافور. وانقسم الجند فريقين: الإخشيدية، وهم مماليك الأسرة الإخشيدية وأنصارها. والكافوريون وهم أنصار کافور الذين رقاهم إلى المناصب العالية في الدولة. ومع ذلك ظل كافور على ما هو عليه يصرف لابن سيده راتباً سنوياً قدره أربعمائة ألـــف دینار.
ولا شك أن كافوراً كان مشغولاً بالإمارة ولوعاً بالسلطة، فإنه لما تولى أبـو الحسن علي بن الإخشيد بعد أخيه أنوجور، ظل يباشر الأمور بنفسه، على الرغم من أن الوالي الجديد قد ناهز الثالثة والعشرين من عمره، بل أنه حرمه كل عمـل، ومنع الناس من الاجتماع به، فأصبح أبو الحسن أسيراً في قصره لا عمل لـــــــه إلا الصلاة أو اللهو. وعين له كافور – كما عين لأخيه من قبل - أربعمائة ألف دينار في كل سنة، وبقي أبو الحسن على ذلك إلى أن مات سنة ٣٥٥هـ بالعلة التي مـات بها أخوه من قبل.
وكان الوارث للعرش ولداً صغيراً يدعى أحمد بن أبي الحسن علي، فحال کافور دون تعيينه بحجة أنه غير صالح للحكم لصغر سنة، وبقيت مصر بغير أمير نحواً من شهر. وفي المحرم سنة ٣٥٥هـ. أخرج كافور كتاباً من الخليفة العباسي بتقليده على ولاية مصر، وأظهر الخلع التي وصلت إليه من الخليفة، فنودي به والياً على مصر وما يليها من البلاد، فلم يتغير لقبه "الأستاذ" ودعي له بعد الخليفة على المنابر.
ظل كافور على رأس الحكومة المصرية زهاء سنتين وأربعة أشهر (۱۰ صفر ٣٥٥ - جمادی الأولى سنة ٣٥٧هـ). ويصف المؤرخون عهـده بأنه كان عهـــدا أسود، توالت فيه المصائب على مصر، فقد تعرضت بلاد الشام لغارات القرامطـة الذين نهبوها وقبضوا على قافلة مصرية كبيرة تتألف من عشرين ألف جمل كانــــــــت ذاهبة إلى مكة لأداء فريضة الحج (سنة ٣٥٥هـ)، ووقعت بمصر زلازل مروعة، وشبت نیران هائلة دمرت ۱۷۰۰ منزل من منازل الفسطاط، وأغار ملك النوبة على مصر فجأة، وعاث فساداً في البلاد الواقعة بين الشلال الأول وأخميم، فأحرق بـعـض المدن وقتل أهلها بالسيف ونهب أموالهم. وكان أشد هذه الأهوال انخفــاض ماء النيل.