صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/178

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ۱۷۷ -

ولما ولي إبراهيم إفريقية انقمع الشر بها وضبط أمرها وأحسن إلى من بها من أهل الخيـر[1].

بناء العباسية (القصر القديم) وجعلها حاضرة إفريقية:


بدأ إبراهیم عهده بتشييد مدينة أو عاصمة جديدة ويذكر ابن عذاري أنه شرع في تخطيطها في سنة ١٨٥هـ وأنها صارت بعد ذلك حاضرة لأمراء بني الأغلب[2]. ووقع اختياره على قطعة من الأرض، تبعد ثلاثة أميال من القيروان وكانت ملكاً لجماعـة من بني طالوت فاشتراها منهم[3]. أما عن السبب الذي دفعه إلى الابتعاد عـن القيروان فهو مما نستبين من رواية الرقيق، علمه أنه لا سلطان له على وجوه الجند وخوفه من قيامهم عليه لأن أكثرهم يرى أنه أحق بالأمر منه، ولذلك فقد رأى أن يبتعـد عنهم[4]. وابتنى بالمدينة قصراً، كما ابتنی مسجداً كما تنص رواية الرقيق كان يتولـى الصلاة فيه بنفسه[5] وبعد أن تم البناء أطلق ابن الأغلب على مدينته الجديدة اسم العباسية كما يقول ابن الأثير[6] هذا كما أنها عرفت أيضاً باسم القصر القديم كما ينص على ذلك الرقيق ومن نقلوا عنه[7].

وكان إبراهيم يعمل في خفية على تحقيق هدفه من إنشاء القصر القديم وهو التحرر من سيطرة العسكر ولكي يحقق هدفه هذا، أخذ يراعي "أمور أجناده ويصلح طاعتهـم ويتفقه أمورهم، ويصبر على جفائهم"[8]. ثم أخذ في شراء العبيد وأظهر أنه يريد أن يتخذ من كل صناعة صنعة تغنيه عن استعمال الرعية في كل شيء من أمورهم، ثـم اشترى عبيد لحمل سلاحه وأظهر للجند أنه أراد بذلك إكرامهم عن حمل سلاحه. ولمـا تم له ما أراد انتقل من دار الإمارة وسار إلى القصر القديم بعبيده وأهله وحشمه وأهـل

بيته، وكان انتقالـه لـه بالليـل، وأسكن في حاضرته الجديـدة مـن


  1. الرقيق، ص ٢٢١.
  2. ابن عذاري، البیان، ج ۱ ، ص ٩٢.
  3. الرقيق، تاریخ إفريقية، ص ۲۲۲. ابن عذاري، البیان، ج ۱، ص ٢٢ - ٩٣.
  4. الرقيق، ص ۲۱۲.
  5. الرقيق، تاريخ إفريقية، ص ۲۲۲.
  6. ابن الأثير، الكامل، ج ٦، ص ١٥٦، أحداث سنة ۱٨١.
  7. الرقيق، تاريخ إفريقية، ص ۲۲۲. ابن عذاري، البیان، ج ۱، ص ٩۲.
  8. الرقيق، تاريخ إفريقية، ص ۲۲۲.