أمورهم وولوه على أنفسهم "كما يقول نص ابن عذاري"1.
وأمام نصائح غلبون لابن عمه زيادة الله، رأى زيادة الله أن يحاول استعادة ثقة قواده الثوار، فكتب إليهم صكوك الأمان وبعث بها إليهم ولكنهم لم يثقوا به واستمروا في خلع الطاعة2. وخربت كثير من المدن عن سلطان زيادة الله، وامتنع بها القواد الذين انضموا إلى الطنبذي مثل: باجة، والجزيرة، وصطفورة، والأربس وغيرها3.
وقوي الطنبذي بمن قدم عليه من كل مكان وكثرت جموعه، واجتمع الجند كلهـم إليه "أطلعوه لسوء سيرة زيادة الله معهم" كما يقول ابن الأثير4. فلما كثر جمعـه سار إلى القيروان حيث وصل اليها في ٥ جمادى الأولى سنة ٢٠٩هـ / ٢ سبتمبر ٨٢٤م. وتقول الرواية أن القاضيين أبا محرز وأسد بن الفرات ركبا إلى منصور ودار بينـه وبينهما كلام لم ينته إلى اتفاق5، وعسكر منصور قرب القيروان وخندق حـــــــــــــول معسكره6، بينما زحف زيادة الله على رأس قواته من القصر القديم (العباسيـة) حيث اتخذ موضعاً له بین القيروان والقصر. وخندق هو الآخر حول معسكره. واستمرت الحرب سجالاً بين الفريقين وأثناء ذلك انضم أهل القيروان إلى جانب الطنبذي ضـد أميرهم. وأصلح منصور سور القيروان حتى تصمد في المقاومة. ودامت الحرب بيـن منصور وبين عسكر زيادة الله على القيروان أربعين يوماً7.
"ولم يبق في سلطان زيادة الله من إفريقية كلها كما تقول رواية ابن عذاري، إلا قابس والساحل ونفراوة وأطرابلس، فإنهم تمسكوا بطاعته ولم ينقصوه شيئاً من جبايته"، وملك منصور جميع عمل زيادة الله إلى حد أن ضرب السكة باسمه8.
ولم تفل تلك الهزائم المتكررة من عزيمة زيادة الله بل زادته صلابة فبينما كتـب الجند من المتمردين إلى زيادة الله: "إرحل عن إفريقية، ولك الأمان في نفسك ومالك"،