منصور وهو بالمحمدية، وحاصره واشتد حصاره له حتى خلص من كان في الحصن مـن الماء، و[رت المفاوضات بين الطرفين، وانتهت بأن عرض منصور أن يسمح له بالخروج على الأمان على أن يتوجه في سفينة الى المشرق. وأجابه عامر إلى ذلك1.
ولكن الطنبذي خرق اتفاقه مع عامر ولجأ إلى مدينة الأربس، حيث له كثير مـن الأعوان، فخرج من طنبذة مستخفياً أثناء الليل إلى الأربس، وامتنع بها، ولما عـرف عامر في صباح اليوم التالي بنبأ تلك الخدعة سار في أثر منصور إلى الأربس وضرب عليـه الحصار. وخرج أهل المدينة وطلبوا من منصور الخروج من مدينتهم فطلب منهم أن يمهلوه بعض الوقت حتى ينظر في أمر خلاصه2.
وأرسل منصور إلى أحد كبار قواد ابن نافع، وهو عبد السلام بن المفرج، يطلب الاجتماع به، فقدم إليه. وعندما حضر عبد السلام حدثه الطنبذي من أعلى السـور، وبين له أفعاله الحسنة تجاه الجند، وطلب منه أن يسعى في أمانه وخلاصه على أن يخرج عنهم إلى المشرق. ونجح عبد السلام في الحصول على الأمان لمنصور من عامر بن نافع على أن يخرج برفقة بعض فرسان عامر إلى تونس حيث يأخذ أهله وحاشيته ويسير بـهـم إلى المشـرق3.
ويفهم من الروايات أن عامر عندما أعطى الطنبذي الأمان كان يضمر الغدر بـه، وذلك أن عامراً أمر صاحب خيله الذي رافق منصوراً في السفينة من تونس بأن يسير بـه سراً إلى جزيرة جربـة، ويسجنه بها، ففعل ذلك وسجن معه أخاه حمـدون4.
فلما علم عبد السلام بذلك استعظم الأمر، وكتب عامر إلى أخيه وهو واليه علـى جربـة يأمره بقتل منصور وأخيه حمدون، "ولا يراجع فيهما"، فأحضرهما عنده، وقرأ عليهما كتاب عامر، وهنا طلب منصور دواة وقرطاساً ليكتب وصيته، ولكنه لم يستطع الكتابة. وتم قتلهما وأرسل برأسيهما إلى عامر5.