ظهور منافسون جدد لعامر بن نافع:
وهكذا كانت نهاية منصور الطنبذي بيدي أكبر أعوانه عامر بن نافع، الذي اعتقد أن الأمور استقرت له في تونس، بعد التخلص من الطنبذي، إلا أنه ظهر له منافـس هو قائده، عبد السلام بن المفرج الذي استقبل بإقليم باجة.
ويفهم من الروايات أن زيادة الله ما أن علم بمقتل منصور حتى كتب إلى عامر بـن نافع يدعوه إلى الدخول في الطاعة ويبذل له الأمان ومن معه "وبأنه معيده إلـى ما كان عليه مع أبيه إبراهيم بن الأغلب وأخيه عبد الله بن إبراهيم". ورد عليه عامر برسالة بليغة، يعدد له فيها مساوئ أفعاله كما يقول ابن الأبار1.
ولم يمر مقتل الطنبذي وأخيه حمدون دون ردود فعل بين الجند الأغلبي المتمرد، وخاصة المضرية منهم، الذين حاربوا عامر، وانضموا إلى جانب منافسه عبد السـلام ابن المفرج الذي رفع راية الأخذ بالثأر للمقتول المظلوم، وانتهى الأمر بخروج ابـن المفرج من باجة، نحو تونس لقتال عامر، وانتهى اللقاء بانتصار عبد السلام وهزيمـة عامر إلى جربة، واعتل عامر إثر ذلك، ولما أيقن بالموت دعا بنيه وأوصاهم باللحـاق بزيادة الله فعملوا برأيه وقدموا إلى زيادة الله مستأمنين. بعد وفاته في سنة ۲۱۳هـ / ۸۲۸م2، كما قدم الجند إليه يطلبون الأمان، فأمنهم وأحسن إليهـم كما يقول النويـري3.
انتهـاء الفتنـة:
وعندما بلغ زيادة الله نبأ وفاة عامر بن نافع قال: "اليوم وضعت الحرب أوزارها" كما يقول ابن عذاري، ولكن ابن الأبار في "الحلة السيراء"، يعلق علـى مقالة زيادة الله عن نهاية الحرب بنهاية عامر، بقوله: "فكان كذلك، لم يزل أمر الجند مدبراً حتى انقضت الحرب، وطفئت الثائرة، وصفت له إفريقية4.