أخذ سيوفهم بحجة أنه يصقلها لهم. ومع آذان المغرب وهو وقت إغلاق أبواب القصر، أتاهم رجاله فقتلوهم عن آخرهم. ثم أمر محمد بالطبول فضربت - وهو العلامة - فأقبـل أصحابه من جهة "قصر الماء" ومن كل ناحية، ودارت بين الفريقين حرب عظيمة انتهت بانهزام أصحاب أحمد، ولجأ أحمد إلى داره فاعتصم بها، ثم طلب الأمان من أخيه فأمنه - ثم جيء به إليه فعاتبه على ما بدر منه من قتل وزيره، ثم نقاه إلى مصر بأهلـه وولده فمات بها 1.
اضطراب بلاد الزاب:
انتهت الفتنة بين الأخوين، واستتبت الأمور للأمير محمد بن الأغلب من جديد. ولكن نتج عن ذلك الاضطراب قلاقل في بعض الأقاليم، ففي إقليم الزاب، انتهــز سالم بن غلبون، الذي كان عاملاً على الإقليم من قبل الأمير محمد، فرصة النزاع بيـن الأخوين وخرج على الطاعة. وبعد استقرار الأمور لمحمد ظل سالم رافعاً راية العصيان، مما جعل الأمير محمد يعزله عن ولايته في سنة ٢٣٢هـ / ٨٤٥م. ولكـن سالم خرج في السنة التالية (٢٣٣ھـ / ٨٤٦م) يريد دخول القيروان، ولكنه عدل أثناء الطريق وسار إلى مدينة الأربس "مظهراً الخلاف"، ولكن أهلها منعوه من دخولها فسار إلى باجة، وتمكن من دخولها وسيطر عليها وحينئذ سير إليه الأمير محمد جيشـاً كثيفاً بقيادة خفاجة بن سفيان الذي حاصره، وشدد عليه الخناق، حتى اضطره إلى الهرب ليلاً، واتبعه خفاجة في صباح اليوم التالي ولحقه، وقتله وحمل رأسه إلى محمد، وأمر محمد بضرب عنق ابنه زيد كذلك وكان محبوساً عنده في القصر 2.
ثورة عمرو بن سليم (القوبع):
يذكر ابن عذاري في حوليات سنة ٢٣٤هـ/ ٨٤٨م ثورة عمرو بن سليم المعروف بالقوبع في تونس، ولم يتمكن خفاجة بن سفيان بن سوادة من الغلبة عليه3. وفي سنة ٢٣٥هـ/ ٨٤٨م أرسل الأمير محمد بن الأغلب قائده محمد بن موسى المعروف بعریان بجيشه إلى تونس، لقتال "القوبع" وانتهى القتال بمقتل ابن موسى بعد أن